top of page





محمد ابن إسماعيل ابن احمد ادريس فطاني
(1260هـ - 1333هـ)
اسمه ونسبة: هو العالم الشيخ محمد ابن إسماعيل ابن أحمد إدريس فطاني
لقبه: لقب الشيخ محمد بن إسماعيل الفطاني بالشيخ نئ مت كشيل فطاني (الشيخ مـحمد صغير)، كان اللقب محصوراً في نطاق عائلته ثم انتشر بين الناس. وكذلك كان يلقب بـ (الشيخ الداودي الفطاني)، لأن الشيخ داود يعتبر من أوائل العلماء من المنطقة الملايوية، أو ربما لأن الشيخ داود هو من قام بتربيته ورعاه منذ الصغر، إذ كان الناس يعتبرونه ولداً للشيخ داود فطاني، وذلك من واقع انه تربى على يده والحقيقة إن ألشيخ داود هو عم والدة الشيخ محمد بن إسماعيل والشيخ داود أخ الشيخ إدريس والد (وان زينب) والدة الشيخ محمد بن إسماعيل
ولادته:
المكان: قرية فولو دويوع، ولاية ترنقانوا، ماليزيا.
الزمان: 1260هـ / 1844م.
وكان سبب ولادته في ماليزيا أن الحرب كانت قد اندلعت في مملكة فطاني بالتعاون مع قدح، وكلنتن، وترنقانوا، لمواجهة عدوان مملكة سيام، واستمرت الحرب مدة طويلة ،وفي عام 1832م سقطت مملكة فطاني في غارة عارمة شنّتها الجيوش السيامية، وبذلك أصبحت فطاني تحت الإدارة السيامية مباشرة، وفي غضون ذلك حدثت المذابح، والقتل ،والأسر، وهرب الكثير منهم إلى قدح، وكلنتن، وترنقانوا . وكان الشيخ إسماعيل بن أحمد (والد الشيخ مـحمد ) قد هاجر مع زوجته وان زينب إلى ترنقانوا، وتحديداً الى قرية فولو دويوغ. وكانت ولادة الشيخ محمد في تلك القرية.
نشأته : نشأ الطفل محمد بن إسماعيل في كنف والديه في طفولته الأولى في قرية فولو دويوغ في ولاية ترنقانوا، ثم عادت العائلة إلى فطاني. وفي سنة 1845م، كان الشيخ داود الفطاني قد قام بزيارة لفطاني لزيارة الأهل والجذور، قادماُ من مكة التي كان قد رحل إليها لطلب العلم. وفي هذه الزيارة ارتأى الشيخ داود أن يصحب معه إلى مكة المكرمة سبط أخيه الشيخ وان إدريس، وكان السبط (محمد بن إسماعيل) لم يتجاوز السنتين من العمر. فأتى به إلى مكة المكرمة، وعاش الطفل محمد بن إسماعيل في كنف الشيخ داود فطاني وتحت رعايته وتربيته، حتى وافه الأجل عام 1847م وقيل 1848م.
تعليمه : كانت بداية انطلاقة محمد بن إسماعيل في طلب العلم في سن مبكرة في مكة المكرمة فشب على حب العلم والحرص على النيل من موارده ومصادره منذ نعومة أظفاره. بدء مشواره التعليمي صغيرا، مما كان سبباً مباشراً في نبوغه المبكر.
فبعد وفاة الشيخ داود فطاني بدء الطفل محمد بن إسماعيل الداودي الفطاني في تلمس دروب العلم والمعرفة، فجلس إلى الشيخ عبد القادر بن عبد الرحمن الفطاني (وهو ابن خالته وان فاطمة). فدرس على يديه العلوم الدينية المختلفة في أصول الفقه، التفسير، وغيرها من العلوم الدينية ثم درس على يد الشيخ عبد الله بن ابراهيم فطاني.
ودرس على يد الشيخ محمد، وهو من الشيوخ الذين كانوا موجودين آنذاك في جبل هندي بمكة المكرمة في الوقت نفسه. هذه الجهود التعليمية في تلك السن المبكرة جعلت من الشاب محمد بن إسماعيل عالماً معروفاً في عدد من جوانب العلوم الدينية، ثم أصبح الشيخ محمد معروفاً ومشهوراً في مجالات التأليف، والترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الجاوية الملايوية. فأضحى في مدة وجيزة وهو مازال في ريعان الشباب ،أحد العلماء الفطانيين المتميزين المعروفين في مكة المكرمة بسعة العلم والباع الطويل في مجال العلوم الدينية.
شيوخه : من بواكير شيوخه في السنوات الأولى من بداياته في طلب العلم في سن مبكرة:
الشيخ داود الفطاني، وهو من جاء به إلى مكة وعمل على رعايته وتربيته وتعليمه (ت 1847م.)
الشيخ عبد القادر بن عبد الله الفطاني (ت 1260هـ/1844م.)
الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن طاهر فطاني (ت 1286هـ /1869م.)
الشيخ عبد القادر بن عبد الرحمن ( ت 1316هـ /1898م.)
العديد من العلماء الذين اخذ عنهم الشيخ محمد بن إسماعيل في مكة المكرمة ،ولكن المصادر المتاحة لم تورد أسماء هؤلاء الشيوخ (73).
تلاميذه: قام الشيخ محمد بن إسماعيل بتدريس العديد من أهل فطاني وماليزيا واندونيسيا، واهل جنوب شرق أسيا (مضيق الارخبيل) بصورة عامة الموجودين في المملكة العربية السعودية ،وبخاصة في بلاد الحجاز وفي الحرمين الشريفين، وكان ذلك في أواخر القرن التاسع عشر إلى أوائل القرن العشرين الميلادي. ويمكن الوقوف على حقيقة هؤلاء التلاميذ عند إسماعيل جئ داود، وكذلك عند روياه وان سوه فكل هؤلاء التلاميذ قد اخذوا عنه علوم التوحيد، والفقه، والبلاغة، وفضائل الأعمال (93). فقد كان تلاميذه كثر.
عقيدته :
لقد اهتم الرسول أولاّ بإصلاح العقيدة وذلك من واقع ان التوحيد هو الأساس الذي تبنى عليه كل الأعمال صحة وقبولاّ.
وهذا نهج الأنبياء والمرسلين (عليهم السلام) إذ كانوا يبادرون دعواتهم بإصلاح العقيدة أولا. قال سبحانه وتعالى امَنَ الرَّسُولُ بِمَا انْزِلَ الَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمؤمِنُونَ كُلٌّ امَنَ بِاللهِّ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ احد مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَاطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبّنَا وَالَيْكَ الْمَصير.
فقد أشار الشيخ محمد بن إسماعيل إلى عقيدته المبنية على ما يعتقده أهل السنة والجماعة بقوله: ( نسأله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وأحباءنا عند الموت ناطقين بكلمتي الشهادة عاملين بها), فقد كان رحمه الله حريصاً على غرس العقيدة الصحيحة في نفوس المسلمين، تلك العقيدة السليمة التي تستمد من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله.
وعلى هذا الأساس فقد كان مذهبه الفقهي هو مذهب الإمام الشافعي رحمه الله. وقد أشار الشيخ محمد بن إسماعيل إلى ذلك بكل وضوح في كتابه بقوله: (أما بعد، فيقول العبد الفقير الفاني محمد بن إسماعيل داودي الفطاني، قد سألني بعض المحبين أن اجمع له أحاديث فضائل طالب العلم وأحاديث زجر تارك الصلاة وما لابد منه من الأبواب الفقهية على مذهب الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه مترجمة (باللغة الجاوية) (24).
أعماله وإنجازاته وآثار جهوده في الدعوة الإسلامية:
من واقع مكانته العلمية في مكة المكرمة، وقد اضحى أحد العلماء الفطانيين الكبار ،فقد كان للشيخ محمد بن إسماعيل دور بارز في مجالات الدعوة الإسلامية، وذلك من خلال عدة محاور أبرزها دروسه الدينية التي كان يبثها في حلقات الدرس سواء في الحرم المكي أو في منزله، فضلاً عن تأهيله لتلاميذه ،إلى جانب التأليف والترجمة من اللغة العربية إلى الجاوية.
وقد أثني العلماء الأجلاء على جهوده في هذا المجال، وبخاصة تلاميذه الذين انتشروا في بقاع الأراضي الجاوية الملايوية، حين رجعوا إلى بلادهم (جزيرة الملايو) فقد قاموا بإنشاء المدارس الدينية (يطلق عليها فندق)، مما ساعد في نشر الدعوة والعلوم الدينية. وقد ساعده في القيام بتلك الدعوة والجهود الدينية ما كان يتميز به من صفات التقى والورع والكرم والتواضع، محبوباً لدى الجميع، موفقاً لفعل الخيرات، فأستفاد منه الكثيرون من طلاب الدعوة الدينية، وبخاصة أبناء ملايو الذين كانوا يقيمون في مكة لطلب لعلم ثم عادوا إلى أوطانهم وعملوا في مجال التعليم الديني والدعوة الإسلامية.
جهوده العلمية:
كانت جهوده بارزة من خلال التعليم، التأليف، النشر العلمي والترجمة. ففي الناحية التعليمية، فقد تميز في عدة جوانب من العلوم الدينية والعربية ،فلذلك فإنه يعد من الذين انعم الله عليهم بالمكانة العلمية المرموقة والبيان العالي والذي كان يتفوق به على الكثيرين من معاشريه. فكان له درس يومي لتلاميذه، سواء في بيته أو في المسجد الحرام، وأحيانا كان لا ينقطع عن التدريس حتى في سفره مع تلاميذه. فكان يقوم بتدريس علوم التوحيد، الفقه، والبلاغة، إلى جانب فضائل الأعمال.
أما في مجال التأليف والنشر فقد اشتهر الشيخ محمد بن إسماعيل بكثرة التأليف ،فانتشرت مؤلفاته، وبخاصة في جزر الملايو. فقد كانت مؤلفاته جليلة في محتواها، مفيدة لتلاميذه ومجتمعه. وقد كانت كتبه تحظى بقبول كبير واحترام وتقدير وبخاصة في انحاء المناطق الملايوية .إذ أن مؤلفاته كان لها الأثر الكبير في أبناء تلك المناطق.
قال عزمان تئ عالي عن هذه الجهود التأليفية: كان الشيخ (محمد بن إسماعيل) أحد علماء فطاني المشهورين. وله عدة مؤلفات منها: (مطلع البدرين ومجمع البحرين)، وقال عنه بعض الماليزيين (من تعلم هذا الكتاب فهو ناج من النار في الآخرة بمشيئة الله، لما اشتمل عليه من العقائد وعلوم الفقه. وكان يقصد بالبحرين: البحر الأول هو العقائد ،والبحر الثاني هو علوم الفقه).
أشهر مؤلفاته :
للشيخ مـحمد بن إسماعيل (رحمه الله) عدة مؤلفات علمية في أصول الدين، والفقه ،والتاريخ، والفلك، والفتاوي، وكلها موجودة في مجموعة كتب علماء فطاني ومنها:
(مطلع البدرين ومجمع البحرين): يشتمل على أركان الإيمان، التوحيد، والفقه، طبعتها الثانية في مكة المكرمة في رجب 1315 هـ. الموافق 1897 م.
(وساح الأفراح وأصباح الفلاح): يشتمل على أركان الإيمان والإسلام، والفقه، وبعض الفوائد التي تتعلق بأمور الدنيا وأمور الآخرة، وهو مطبوع في بمصر مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، في ذي القعدة 1324هـ الموافق 4291.
(البهجة المرضية في الفوائد الأخروية) المترجمة إلى الملاوية في مكة: يشتمل على فضائل الذكر، والصلوات، والدعاء، وهو مطبوع في دار الطباعة المصرية لصاحبها سليمان مرعي.
(الكوكب الدري في النور المحمدي)، المترجمة إلى الملاوية في مكة: يشتمل على خلق الله ادم وحواء عليهما السلام، وخلق الله العالم، وبيان ما يتعلق بقصة المعراج، وهو مطبوع في مكة المكرمة 1322 هـ الموافق 1904 م.
(الدرّ البسيم في أصحاب الكهف والرقيم)، المترجمة الى اللغة الملاوية في مكة المكرمة: يشتمل
على أخبار أصحاب الكهف والرقيم، وهو مطبوع بمطبعة الميرية بمكة عام 1310 هـ الموافق 1893م .
(البحر الوافي والنهر الشافي): يشتمل على أحكام الفقه، وهو من أفضل الكتب في الفقه باللغة الملاوية على المذهب الشافعي، وهو مطبوع في جدة بالمملكة العربية السعودية في رجب 1349هـ / 1940 م.
(سواطع البرق الامع): يشتمل على أحكام التيمم، وصلاة القصر والجمع ولم يطبع.
(الدرّ المسنون والجوهر المكنون)، غير مطبوع.
(الفرقدين وجواهر العقدين): يشتمل على علامات القيامة وأحوالها، والفوائد من النبات والحيوان، مطبوع بمطبعة الميرية بمكة في ذو الحجة 1311هـ الموافق 1894 م.
(رسالة الفتاوي) أجاب فيها الشيخ عن بعض الأسئلة الفقهية لتلاميذه.
الحياة الاجتماعية : حياته الأسرية: اقترن الشيخ محمد بن إسماعيل بأربع زوجات، وهن:
خديجة بنت إسحاق فطاني (لم يرزق منها بذرية.)
أمنة لنت سعيد فرج الفيومي، وله منها سبعة من الأبناء: عبدالله، محمد نور، محمد امين ، فاطمة، كلثوم، خديجة وداود.
زوجة من فطاني (لا يعرف اسمها ولم يرزق منها بذرية.)
نيء موه مين موئشيء ولديه منها من الذكور ابن وهو محمد رشيد.
رحلاته : قام الشيخ محمد بن إسماعيل عام 1328هـ بالسفر لماليزيا للقاء أقاربه في ترنقانوا وكلنتن. كما قام بزيارة لـ (داتؤسراي بادوك) وتزوج من ابنته (نيك مه شيه) وهي الزوجة الرابعة عام 1329هـ كما زار منطقة فطاني ومدينة بانكوك بتايلند وبعدها عاد الى مكة عام 1330هـ.
جهوده في الفقه: تبحر الشيخ محمد بن إسماعيل في العلوم الشرعية واتصافه بصفات الأخلاق العالية من الورع والتقوى وعمق الإيمان، ومكانته العلمية، وثناء العلماء عليه، كانت كفيلة بأن يصبح قاسياً بين جماعته في مكة المكرمة في ذلك الوقت وكان ذلك من واقع انه كان من اشهر العلماء المشهورين في القرن الثالث عشر الهجري/ التاسع عشر الميلادي، وذا مكانة علمية ودينية ومجتمعية عالية. فقد وصفه الشيخ المؤرخ المكي عبدالستار الهندي رحمه الله، حين ترجمته لابنه الشيخ محمد نور، فقال: (الشيخ محمد نور ابن العالم الفاضل الشيخ محمد صغير الفطاني).
خلاصة القول: ان الشيخ محمد بن إسماعيل فطاني الشهير بمحمد صغير الفطاني كان من اجل علماء عصره، فذاع صيته في مكة المكرمة، وفي جزر الملايو قاطبة. فقد كان له الأثر الكبير في إفادة الكثيرين بالعلم الغزير، فقد أفاد أعدادا من طلاب العلم ،وخاصة من الملايو المقيمين في مكة المكرمة في ذلك الوقت.
وفاته :
كانت وفاة الشيخ محمد بن إسماعيل الداودي الفطاني (رحمه الله) أثر مرض ألم به (ارتفاع في ضغط الدم) في يوم السبت 1333/4/20هـ الموافق 1915/3/6م ، ودفن في مقبرة المعلاة، عن عمر 71 عاماً.
انتهى المقال.
bottom of page