سيرة حياة
اعداد: أ/كامل محمود فطاني
الجزء الثاني عشر
تتعدد المواهب ونظرة الانسان من افراد ذرية الشيخ محمد بن اسماعيل في اسلوب الحياة واوليات توجهه في مواجهة الظروف المحيطة به فقد كان فاضل محمود فطاني له نظرة تحليلية للحياة خاصة به، فقد كان يظن ان الانسان يجب الا يعيش لنفسه فقط، وانما يجب ان يفكر في تكوين نفسه بالعلم والايمان والقدرة المالية ليعين المحتاجين بالدعم المادي ليعيشوا وليقوموا بدورهم الذي وضعتهم ظروفهم فيها ولهذا كان حريص على دعم الفقراء بالقليل اوالكثير من المال والطعام والكلمة الطيبة.
يعتبر فاضل محمود فطاني الابن الاكبر للشيخ محمود صالح فطاني والابن الاكبر لوالدته آمنه محمدنور فطاني وهو الحفيد الاول من الابنة الاولى للشيخ محمد نور فطاني فلهذا نال الفرح والعناية من والديه وجده لامه حيث كان جده يحبذ دعوته بفاضل ويسأل عن حضوره الى مجلسه ويدعوه لمشاركته طعامه على مائدته التي تضم ابناءه ويراه يمرح ويسرح بين اقرانه يسعد جده بوجوده.
ولد فاضل محمود فطاني عام 1358هـ بمكة المكرمة في البيت الكبير لال الفطاني بحي القشاشية بزقاق الخردفوشي قريبا من الحرم المكي بين ابناء ست من العائلات. الحقه والده محمود صالح فطاني بمدرسة الفلاح الابتدائية ونال الشهادة الابتدائية التي كانت في ذلك الزمان شهادة تأهل للعمل وذلك لجودة المواد العلمية التي كانت تدرس في المدارس في ذلك الزمان، واستمر فاضل في المرحلة العلمية المتوسطة ثم رأى ان يبحث له عن وظيفة تساعده في تحقيق وضع اجتماعي ومالي يتطلع اليه ويرى انه يحقق شخصيته في الحياة فتوظف في فرع وزارة المالية بجدة بوظيفة مالية واخذ يتدرج فيها وكأنه يريد ان يسابق الزمن ليحقق له وضع مادي واستقلالي في حياته وكان يسكن في مكة وعمله في جدة فكان ينزل مع زملاءه في العمل من مكة الى جدة ويعود الى مكة يوميا ويدفع اجره نقله الى زملاءه من راتبه، حتى وجد انه بامكانه ان يشتري سيارة ليقل زملائه الذين يرافقونه يوميا الى مقر عملهم في جدة بأجر شهري يغطي مصاريف سيارته وتزيد من دخله، وكان يجد في ذلك متعة وفائدة مالية وهو في نظرته الى هذه الحياة تطابق طموحات كثيرا من شباب تلك الفترة. ويــبرر انقطاعه عن الدراسة للعمل بوظيفة لحاجته المادية وتكوين حياته المستقبلية اما الجانب الثقافي والعملي فله نظرة في ذلك حيث يقول ان الانسان بحاجة الى العلم والتعلم ولكن بإمكانه ان يثقف نفسه بالقراءة الحرة ويتمثل في ذلك بالاديب المصري الكبير (عباس محمود العقاد) الذي لايحمل شهادة عليا مثل طه حسين ولكن له كتابات ومؤلفات عدة حققت له شهرة ادبيه وعلمية وتاريخية وذلك بتثقيف نفسه بالقراءة, ولهذا كان فاضل فطاني يحرص على قراءة كتب العلم والادب بعد عودته من عمله من جدة. وفي عام 1377هـ انتقل عمله الى وزارة المالية بالرياض وسافر ليباشر عمله الجديد. وانضم الى عزبة (شلة) ابن خاله عبدالله حسن فطاني وعاش وزملاءة في العزبة بمشاركة مالية شهرية. وفي عام 1381هـ عاد فاضل الى مكة المكرمة بعد ان حصل على وظيفة مالية في مصلحة الزكاة والدخل بمرتبة اعلى كمحقق لحجم الزكاة والدخل على التجار ومتابعتهم. استطاع فاضل خلالها ان يشتري ارضا في حي العزيزية من وفرة الراتب الذي كان يحرص على توفيره لتحسين اسلوب حياته وانتهز فرصة القروض الحكومية للعقار لبناء منازل للموطنين فانشأ منزلا في ارضه مكون من اربع طوابق من قرض عقاري وبدعم من موجوداته المالية واخذ يؤجر الشقق لتكون له دعما ماليا مساندا.
نظرته في الحياة: ان الشباب يتسابقون نحو الحصول على الشهادات ليقضوا سنوات طويلة من اعمارهم ليتوظفوا بعدها بالشهادات التي نالوها، وانه ليسابق الزمان بان يتوظف مبكرا ويحصل على دخل افضل يحقق له حياة سعيدة.
بدء فاضل يبحث عن مستوى وظيفي افضل واعلا مستوى، فكان ان توظف في جامعة ام القرى كموظف في الادارة المالية بمرتبة اعلى. واخذ فاضل فطاني يمارس هوايته في شراء وبيع العقار والتكسب منها، واستطاع بناء عمارة اخرى في العزيزية جوار جامعة ام القرى.
وكانت لفاضل عادات وفضائل حميدة وايجابية واقتصادية وصحية منها انه كان يحرص على النوم مبكرا ويذهب لصلاة الفجر في الحرم المكي ومن صفاته الحميده حرصه على اخراج زكات امواله من ايجارات عقاراته واملاكه المستحقة للزكاة فلهذا كان يفتح باب مجلسة بعد التراويح طوال شهر رمضان المبارك لاستقبال العوائل المتعففة والمحتاجين والمستحقين لاموال الزكاة لتحقيق حياة كريمة لهم ولابنائهم ليتصدق بها على المساكين والمحتاجين وكذلك كان يساعد والده وبعض من اقاربه في توزيع زكواتهم وصدقاتهم و مساعدة كبار التجار على صرف زكاتهم عن طريقه منهم صالح كامل وذلك عن بتوصبة من الدكتور محمد عبده يماني الذي كان يشجعه ويثق في تصرفاته لمساعدة المحتاجين والفقراء لصرف زكاة كبار التجار ليسعد فاضل باستقبال هذه العائلات ويحتفظ بسجلاتهم من الدخل من الزكاة وسجل الصرف والتحصيل. حرص فاضل وبعد وفاة والده ان يبني له مسجد بمكة المكرمة بمنطقة الشرائع من تركة والده وتبرع ورثته، وسعى مع البلدية والجهات المختصة والمقاول على ان يقوم المسجد باسم الوالد محمود صالح فطاني ومكون من دورين ليكون الدور الاول للرجال والدور العلوي للنساء مع المرافق الخاصة بالمسجد من مكان للوضوء وحمام ومستودع وغرفة الحارس وعدد 2 دكاكين تجارية للصرف على إدارة المسجد وصيانته. وحرص فاضل فطاني على الاشراف على خدمة المسجد ونظافته وصيانته ورتب له امام ومأذن وفراش ويقوم بزيارته في اوقات متقاربة لضمان خدمة المصلين.وسعى ان يحصل على ترخيص اقامة فيه صلاة الجمعة حتى اصبح جامعا، جزى الله المرحوم فاضل فطاني خير الجزاء.
كان من فلسفة الافتصادية لفاضل في الحياة هو ان تعيش مقتصدا في حياتك خيرا من ان تطلب الاخرين حاجتك ومواقفك المحرجة وان يعيش ابنائك وورثتك من دخل عقارتك يعيشون فيها ايام حياتهم ويتوازعونها دائما خيرا من تترك لهم ورثة كبيرة يبعثرونها في ايام معدودة ويتنازعون عليها لقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِي أَيْدِيهِمْ، ). انه في رأي فيلسوف آل فطاني رحمه الله وكأنه يرى ان ورثته ليسوا ابنائه الحالين وقت وفاته ولكنهم احفاده عبر الاجيال تساعدهم موارد الاملاك على مدى الزمن في قضاء حاجات الزمان وموقفه الصعبة ولو بقليل فتعلموا ياشباب فلسفة الحياة فليس حياتكم في يومكم ولكن حياتكم في مستقبلكم ومستقبل ذرياتكم فاعتبروا يااولي الالباب.
ومن عاداته انه كان يحب تناول افطاره بعد صلاة الفجر مباشرة وعند عودته من صلاة الفجر احيانا يجد متعة في اكتشاف الاماكن التي تقدم وجبات الافطار النظيفة والصحية والبلدي من مطاعم الفول بالعزيزية او اماكن اخرى يكتشفها بين الحين والاخر ليفطر بشربة الصباح في احد مطاعم الشربة والكبدة التي يحب تناولها في الافطار.
كان فاضل فطاني في شبابة يفضل قضاء اجازاته الصيفية خارج البلاد بالسفر الى لبنان ومصر وسوريا وله في تلك الدول الكثير من الاصدقاء الذين يحب ان يزورهم ويتواصل معهم، وقد سافر للولايات المتحدة الامريكية لزيارة اخته الصغرى والتي كانت تعالج بمدينة هيوستن بالولايات المتحدة الامريكية كلما سنحت له الفرصة.
حياته الاجتماعية: أقترن فاضل فطاني عام 1384هـ بسيدة فاضلة من سكان الطائف ولقد كانت من عائلة كريمة وفاضلة وعاش معا في مكة المكرمة ليغادر منزل والديه الى شقة بمكة بحارة السليمانية في عمارة بما تسمى بعمارة الامير سلطان ولكن لم يكتب الله له ان يرزق باطفال لذا قرر الانفصال عنها وذلك لحبه الشديد للاطفال فتزوج للمرة الثانية من سيدة من مكة المكرمة اقامت معه في عمارة والدة محمود فطاني وفي هذه المرة ايضا لم يرزقه الله منها بالاطفال فقرر الانفصال عنها، واقترن بسيدة من عائلة كريمة معروفة من جدة وانجبت له ثلاثة ابناء وابنة واحدة وظل فاضل فطاني يسعد بحياة عائلية مع زوجته وابنائه في فيلته بجدة حياة سعيدة وكان يسعى دائما لرعاية عائلته وقد اكملوا دراستهم الجامعية حيث تخرجت الابنة الكبرى من جامعة الملك عبدالعزيز تخصص تغذية ودرس محمود الابن الاكبر الهندسة بكندا وسلطان درس الحاسب الالي بكندا وحسام الابن الاصغر درس الهندسة بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة. ويعملون الان في مؤسسات وشركات بجدة.
تعرض فاضل محمود صالح فطاني لوعكة صحية ادخل على اثره المستشفى لاكثر من اسبوع حتى توفاه الله في جدة في يوم 1435/10/23هـ عن عمر يناهز 77 عاما ودفن في المعلاة بمكة المكرمة وكان حريصا حتى اخر ايام حياته على منح الصدقات والحياة الكريمة المعتدلة زالزكاة للفقراء والمحتاجين وينعم على زوجته واولاده بالخير، ورحمك الله يااخي فاضل على حرصك على الصدقات واداء الزكاة وعلى فلسفتك وتطلعك دائما لمساعدة المحتاجين وجمعنا بك في مستقر رحمتك
رحمك الله يافاضل كنت في حياتك وتصرفاتك فاضلا محبوبا من اخوانك واهلك ومحبيك واسكنك الله فسيح جناته وجمعنا بك في مستقر رحمته وتقبل الله منك زكاتك ونفقاتك ( وما تنفقوا من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا)
مع تحيات / كامل محمود فطاني الطائف 1444/5/6هــ