الفصل الرابع عشر
خديجة محمد بن اسماعيل فطاني F
اعداد/ كامل محمود فطاني
في تاريخ عائلة ال فطاني سيدات فاضلات كن سندا لازواجهن فأحسنوا تربية ابنائهن وحفظوا لاجدادنا تراثا ومجدا لاننساه نحن الورثة لافعالهم الخيرة. سيدة نساء آل محمد بن اسماعيل فطاني هي خديجة بنت محمد بن اسماعيل فطاني وهي نجمة ظلت تحتل المكانة العالية لدى والدها وابنائها والآل اجمعين ، انها خديجة الابنة الثانية للعالم الجليل والمطوف القدير الشيخ محمد بن اسماعيل فطاني، ولدت في زقاق الصوغ بحي القشاشية ويحتمل ميلادها اوائل عام 1300هـ وكتحليل مني حيث لاتتوفر لدي ولا لدى الكثير مما استعنت بهم في هذا المجال ومقارنة بميلاد اخيها محمدنور فقد كان في يوم الجمعة 1290هـ وولد بعده امين وكلثوم فهي الابنة الخامسة بين اخوانها ابناء والدها الشيخ محمد بن اسماعيل فطاني وايا كان تخميني لتاريخ ميلادها صحيحا فقد ولدت خديجة مشرقة عليها نور حيث كانت تميل الى البياض الهاديء وكانت ملامحها تحمل ملامح امها على الاغلب امنة فرج المصرية التركية الاصل التي تزوجها جدنا بعد عدة مرات لم يكتب له منهن الابناء واراد الله ان تكون آمنة فرج سعيد الفيومي مصدر خير لجدنا فقد كانت ولادة بدأت بالابن الاكبر عبدالله ثم محمدنور ثم امين ثم كلثوم وجاءت خديجة بعدهم تحمل صفات وملامح من الملامح والصفات الجميلة فقد كانت ملامحها تميل لى الملامح العربية اذ تحتوي على عينين واسعتين وانف عالي جميل ووجها ممتليء وانها تحمل صفات الجدة الحنونة الحازمة مع بناتها وابنها الوحيد محمود صالح فطاني والتي ولدت كما اتوقع في مسكن والديها في زقاق الصوغ بحي القشاشية حيث انه البيت الذي تربى فيه والدها منذ صغرها وكان والدها طالب علم يسعى للدروس الدينية وتحصيلها من علماء مكة وعلى رأسهم الشيخ داود بن عبدالله وبعد وفاته رافق الشيخ عبدالقادر ابن خالته حتى اصبح محمد بن اسماعيل محدثا يحدث في باب السلام ويلقي العلوم الشرعية على طلابه من ابناء الحجاج القادمين للحج والمهاجرين المقيمين بمكة لطلب العلم، وكان الشيخ محمد بن اسماعيل من كبار مطوفي حجاج فطاني وماليزيا ، وتلقت خديجة من والدها العلوم الشرعية وحفظ القرآن الكريم وتعلمت من والدتها امنة فرج فن إدارة البيت والطبخ وكانت هي واختها فاطمة وكلثوم نجمات بيت ابوهما.
وكان يعمل مع والدها الشيخ صالح بن زين العابدين فطاني وهو من طلاب العلم ويعمل معه في شئون الحج والحجاج فتقدم صالح لخطبتها وهو كما يقال ايضا والده كان احد علماء الدين واسمه زين العابدين واشتهر باسم (دين)، انجبت خديجة له نفيسة ثم انجبت بعدها كلثوم ثم انجبت جواهر ثم انجبت له محمود، ولما توفى والدها عام 1333هـ وتخلى اخيها داود عن الطوافة اختيرت خديجة لتكون المطوفة للحجاج بأسم والدها وبرعاية شقيقها محمدنور فطاني الذي كان يصرف لها مخصص الطوافة السنوية لتكون مصروفا لها، وخلال سنوات عمرها زوجت ابنتها كلثوم الى الشيخ عبدالرحمن ابن اختها فاطمة التي تزوجت من وان داود. ولدت ابنها صالح عبدالرحمن داود فطاني وبعد عدة شهور توفيت ابنتها كلثوم وتركت ابنها صالح فتولت جدته خديجة تربيته وتعليمه في مدارس مكة المكرمة التعليم الاولى ولما حلت الحرب العالمية الاولى وانتشرت فواجعها في المجتمع المكي قام محمدنور شقيقها الاكبر الموجود في مكة المكرمة فارسل اهله كلهم وعلى رأسهم اخته خديجة هي وبناتها وابنها محمود وحفيدها صالح الذي تولت كفالته وتربيته وتعليمه التعليم الاولى فسافرت خديجة الى ماليزيا ونزلت في ترنقانوا في كلنتن وزوجت ابنتها نفيسة الى يحي بن عبدالله فطاني ابن خال نفيسة كما تزوجت جواهر من ابن خالها عبدالغفار بن محمدنور فطاني ثم انتقلت خديجة الى فطاني وسكنت في مدينة كرسيك ودرس خلالها ابنها محمود في مدارسها حتى تمكن العمل كمدرس للغة العربية والقرآن ليكون لهم مصدر رزق، ولما توقفت الحرب العالمية عادت خديجة الى مكة المكرمة بواسطة بواخر الحجاج الفطانيين مصطحبة معها ابنها محمود وحفيدها صالح بن عبدالرحن بن داود فطاني، واسكنها اخوها في البيت الصغير في الدور الاعلى للبيت حيث يحتوي على مجلس وخارجة وحمام ومطبخ، وكانت خديجة موضع اهتمام اخيها محمدنور كما كانت موضوع اهتمام ابنها محمود الذي توظف مدرسا بمدارس الفلاح ويشارك في مصروف امه ثم زوجته امنة التي تزوجها وهو في العقد الثاني من عمره، وكانت امه خديجة تشجعه على طلب العلم وطلب الرزق الذي كان في ذلك الزمان صعب وقليل، وكانت زوجته امنة معينة له على طلب الرزق وكان يساعدها على طبع المدورات (غطاء الرأس للنساء) وتخيطه وتبيعه.
خديجة واخيها داود: كان داود بعد ان سافر مع عائلته الى ماليزيا استهوته المعيشة هناك وتزوج من فتاة فطانيه واستقر به المقام في كلنتن وانجب ابناءه وبناته ولكنه خلال سنوات عمره تعين له السفر الى مكة للحج فكان ينزل في بيت اخته خديجة ويستأنس بها، وكان للشيخ داود رحمه الله رأي حيث كان يعترض على وضع المشيخة التي كان يتقاضى منها سنويا رسوم من مشيخة الجاوة بصفته ابن المطوف محمد بن اسماعيل فطاني وكان نظام الطوافة يعطي لذرية المطوف بعض من الارباح السنوية كمخصص واستمرت الاعانة تقدم للشيخ داود حتى صدر قرار من الجهة المختصة بايقاف الاعانات عن ابناء مطوفي الحجاج الا لمن يحمل الجنسية السعودية وان يكون مقيما بمكة المكرمة وكذلك الحال مع ابناء الشيخ عبدالله بن محمد بن اسماعيل فطاني وهم محمد كامل وميمونة وحفصة المقيمين في ماليزيا ولم يرغبوا ان يتنازل عن جنسيته الماليزية وكان الشيخ اسحاق بن وان داود وهو وامه فاطمة بنت محمد بن اسماعيل وابوهم وان داود كان طالب علم في مكة ويعمل مع الشيخ محمد بن اسماعيل فطاني وكان الشيخ اسحاق بن وان داود يعمل بماليزيا بمهنة المحاماة طليق اللسان وثقافته عربية حيث درس في مكة لمدة بضع سنين قبل ان يسافر الى ماليزيا فكان يأتي للحج والعمرة ويسكن في بيت خالته خديجة فكانوا يسعدوا بلقاء اختهم خديجة ويسكنوا في شقتها ويناموا في خارجيتها مستأنسين باللقاء يسعدوا بلقاء اختهم خديجة ويسكنوا في شقتها ويناموا في خارجيتها مستأنسين باللقاء مع الشيخ محمود صالح فطاني وابنه فاضل وكامل وابناء اخته نفيسة زين العابدين وفيصل وبحضور صالح حفيدها وعبدالعزيز ابن ابنتها جواهر، وكان ابنها محمود يرتب خدمات استضافتهم لتقوم زوجته امنة اعداد وجبة الغذاء والعشاء ويقوم ابنها كامل بعض الاحيان المساعدة في اعداد مكان السهرة في الخارجية ومباشرة الشاي والماء ويشاركهم النوم بالخارجة حيث الجو ربيعي مع ابن اختها اسحاق واخيها محمد رشيد ويقضوا السهرة في الحديث العائلي. كما كان ابنها محمود صالح يسعد بمحاورة والدته والحديث معها وينصحها بتخفيف مرات الوضوء وتأكيد غسل الاعضاء عدة مرات وسوسة منها في تحسين امور الوضوء وكان حفيدها صالح عبدالرحمن يسكن معها في شقتها، توظف صالح في المحكمة واصبح هو الذي يصرف عليها منذ ان عاد معها من ماليزيا وكانت الجدة خديجة تجيد الطبخ وتحب ان تأكل من صنع يديها ولكن كنتها امنة وبنتيها نفيسة وجواهر يساعدانها بعض الاحيان عندما تقدم بها السن.
، ودارت الايام وكبرت الجدة خديجة واشتاقت يوما السفر الى المدينة لزيارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلام عليه، فطلبت من ابنها محمود ترتيب ذلك فسافرت برفقة امنة زوجة ابنها محمود وبرفقة فاطمة اخت آمنة وهي شابة واخذوا معهم الابن نائل ابن محمود وهو في سن السادسة او السابعة وكان كثير الحركة والنشاط وكان السفر الى المدينة يستغرق اكثر من نصف اليوم فنزلوا للاستراحة في قرية في الطريق ويتناولوا طعام العشاء ويصلو الفريضة فقامت الجدة خديجة لتصلي فطلبت من نايل ان يذهب للقهوجي ابن القرية التي نزلوا بها ليسأله عن القبلة فكان عند حركته وكان حافيا فلدغته عقرب عند باب الاستراحة وتوفي نايل بعدها بساعات قليلة من لدغة العقرب وحزنت جدته كثيرا عليه اذ كان يسليها ويحاكيها كثير وحزنت لفراقه وظل هذا الحزن مدة طويلة من عمرها بعد سفرة المدينة ولما ولد للشيخ محمود ابن جديد وبلغ من العمر بضع سنين وكانت تتخيله انه ابنها الذي توفى بالعقرب وكانت تتذكره جدته وتبكي عليه وتغني له (برهوم برهوم حاكيني) وهي تلك الاغنية التي صادفت موت ابنها نايل يرحمه الله.
وفي شهر رجب من عام 1376 هـ توفيت خديجة بنت محمد بن اسماعيل فطاني بمكة المكرمة بدارها في القشاشية عن عمر يناهز ال 75 عاما تقريبا فحزنت العائلة عليها وبكينا جدتنا خديجة الحنونة المكافحة في حياتها والتي كانت تحمل سمات عربية اكتسبتها من امها المصرية الاصل وكانت هي المطوفة للحجاج باسم والدها الشيخ محمد بن اسماعيل فطاني والتي اسندت اليها بعد وفاة اخيها الشيخ محمدنور فطاني وتخلى داود عن الطوافة لسفره الى ماليزيا.
رحمك الله ياخديجة واسكنك فسيح جناته وكنت ولاتزال ذكراك محط ذاكرتنا وذكرياتنا السعيدة معك في ظل حنانك وطيبة قلبك وكريم طباعك - رحمك الله وجعل الجنة مثواك وان يجمعنا الله بك في مستقر رحمته.
مع تحيات كامل فطاني 1444/6/12هـ