top of page
abdullah_edited.jpg

Abdullah M. Isma'il

1871 - 1919

"يعتبر كتاب مطلع البدرين (مجلدين) من الكتب الاساسية في منهاج تعليم الفصول الليلية بالمسجد الوطني، مسجد نيجارا كوالالمبور بماليزيا في مادة الفقة الاسلامي عام 2005م-وكذلك تم تدريس هذا الكتاب في فصول الدراسات الاسلامية المسائية في جميع المدارس الحكومية في جوهور.
الف هذا الكتاب قبل حوالي 100 عام في مكة المكرمة، وقد الفه الشيخ محمد بن إسماعيل فطاني، المعروف أيضًا باسم ""الشيخ نيئ مات كجيك "" باللغة الماليزية، والذي كان يُدرِّس في المسجد الحرام حوالي عام 1880م – 1915م.
كيف أصبح هذا الكتاب جزءًا من المنهج يدرس في المدارس المحلية في ماليزيا؟
هذا يقودنا الى قصة حقيقية عن رجل أعمال شاب. يدعى (الشيخ يحيى) هو يحيى بن عبدالله بن محمد اسماعيل فطاني.
ولد يحيى عبدالله فطاني في مكة المكرمة عام 1912م. وكان الابن الأول للشيخ عبدالله بن محمد إسماعيل فطاني ووالدته فاطمة بنت عبد الرحمن علي كوتن 
نشأ يحيى في مكة المكرمة في بيت علم لعائلة عريقة متكاتفة حيث كان الأعمام والعمات وأبناء العم يعيشون كلهم في منزل جدهم محمد بن اسماعيل فطاني بزقاق الخندفوشي بحي القشاشية الذي يبعد امتار معدودة عن المسجد الحرام بمكة المكرمة.
كان جده الشيخ محمد بن اسماعيل فطاني من علماء مكة المكرمة. ودرس عند العديد من العلماء بحلقات العلم بالمسجد الحرام بمكة المكرمة، وقام بالتدريس في المسجد الحرام وتخرج على يده العديد من العلماء الذين درسوا من بعده بحلقات العلم بالمسجد الحرام بمكة، وله العديد من المؤلفات من الكتب باللغة الماليزية واللغة العربية وكان المطوِّف الوحيد انذاك الذي رخص له حاكم الحجاز بأستقبال وخدمة الحجاج من جنوب شرق اسيا وجاوه الشرقية (ملايا، فطاني، إندونيسيا، وسنغافورة) للحج.
بعد ان توفي الشيخ محمد بن اسماعيل فطاني عام 1914م أصبح ابنه الشيخ عبدالله رب العائلة وتولى الطوافة من بعده. وفي تلك السنة اندلعت الحرب العالمية الاولى واندلعت معها المعارك في الحجاز ضد الخلافة العثمانية بقيادة الأمير فيصل ابن الشريف حسين بن علي، حيث قام بشن هجوم على الحاميتين العثمانيتين في كل من مكة والمدينة المنورة والتي توقفت عام 1918م. وخلالها توقف الحج وتعطلت اعمال الطوافة وتوقف قدوم حجاج من جنوب شرق اسيا. في خضم المعارك بالحجاز (بمكة) عام 1916م قررالشيخ عبدالله بن محمد بن اسماعيل والد الشيخ يحي الهجرة إلى ملايو. واصطحب معه زوجته فاطمة بنت عبدالرحمن وابنائه يحيى, آسيا, محمد كامل وميمونة حيث بدأت الاسرة حياة جديدة بالنسبة لهم في باليك بوكيت في ترينقانو بماليزيا وهي عبارة عن مساحة من ألارض مساحتها 3 أفدنة قريبة من نهر ترنقانوا اهداها لهم السلطان زين العابدين الثالث سلطان ترينجانو.
الوضع لم يدم لهم مدة طويلة بترنجانو حيث توفي الشيخ عبدالله في فطاني بعدها بثلاث سنوت، عام 1919م ثم بعد ذلك طلب عمهم الشيخ محمد نور الأسرة الرجوع الى مكة المكرمة والتئم شمل الاسرة الكبيرة مرة اخرى بعودة اسرة الشيخ عبدالله الى الاسرة الكبيرة اسرة الشيخ محمد بن اسماعيل فطاني. وسكنوا جميعا في بيت جدهم (البيت الكبير) في برحة زقاق الخندفوشي بالقشاشية بمكة. بحلول هذا الوقت كانت الحرب العالمية الأولى قد انتهت، ولكن الامر لم يستقر في مكة المكرمة بعد.
لم تشعر السيدة فاطمة بنت عبد الرحمن بالامان في مكة المكرمة وخاصة بعد وفاة زوجها عبدالله ورب الاسرة الكبيرالشيخ محمد بن اسماعيل وضيق ذات اليد. واخذت تفكر بالعودة مرة اخرى الى باليك بوكيت في ترينقانو بماليزيا حيث كانت تشعر بالامان هناك بالقرب من اهلها اكثر من وجودها في مكة المكرمة او ولاية فطاني تحت حكومة تايلند البوذية. في عام 1924م، اتخذت القرار المهم والصعب بالنسبة لها قرارا لم يكن سهلا، مثل هذه القرارات المهمة كان يتخذها الرجال وليس السيدات في ذلك الوقت، ولكن السيدة فاطمة كانت سيدة شجاعة ومغامرة، كانت تتخذ القرارات الصعبة نفس الشخصية التي اتخذت قرارًا بالزواج من الشخص الذي سيأخذها من بلدها واهلها إلى مكة المكرمة.
 اخيرا حزمت حقائبها وودعت الشيخ محمد نور والأسرة الكبيرة واعدت اطفالها واستقلت السفينة البخارية لتمخربها عباب البحر ليستقروا مرة اخرى في باليك بوكيت في ترينقانو بماليزيا للمرة الثانية. لكن هذه المرة كان رب الاسرة الطفل يحي عبدالله فطاني البالغ من العمر اثنى عشر عاما, كان عليه لزاما أن يصبح رجلاً، وكان عليه أن يعتني بوالدته وإخوته أسيا، كامل، ميمونة وحفصة، ويجب أن يخافه الآخرون حتى لا يتنمروا عليه.
كانت السيدة فاطمة قد وفرت بعض المال وهي في مكة المكرمة , تمكنت بها من بناء منزلا لائق لها ولاولادها في باليك بوكيت بترنقانوا . كان منزلا خشبيا يرتفع طابقين عن سطح الارض بقواعد مبنية من الاسمنت والطوب وكان الطابق الارضي يرتفع حوالي بقدر قدمين عن الارض وتم بناءه من الاسمنت ولم يكن له جدران.
قام يحيى بشراء وتركيب آلة طباعة حيث سيبدأ عملًا تجاريًا لطباعة الكتب التي كتبها جده الراحل الشيخ محمد بن اسماعيل فطاني. في عمر 12 عامًا ، دخل هذا الرجل عالم ريادة الأعمال دون أي تدريب على الإطلاق. وفي البداية كان يساعده اخيه محمد كامل في عمله والسيد وان عثمان و وان عباس.
في تلك الفترة التي بدء فيها الشيخ يحي عمل المطبعة افتتحت مدرسة السلطان زين العابدين الاسلامية والتي تدرس باللغة العربية وكانت جزء من مدرسة بوكيت جامبل والتي كان يدير المدرسة ابن عمه الشيخ احمد محمدنور فطاني، اعتمدت مدرسة السلطان زين العابدين وبعض المدارس الخاصة والمسمى بالملايو سكولاه بندك (مدرسة القرية) كتاب مطلع البحرين الذي الفه جده الشيخ ممد بن اسماعيل فطاني وطبع من قبل مطبعة الشيخ يحي عبدالله فطاني. مما ساعد في إزدهار عمل المطبعة. عاد ابن عمه الشيخ احمد الى مكة بعد ان تزوج شقيقة الشيخ يحي السيدة اسيا بنت عبدالله عام 1927م، وسلم ادارة مدرسة السلطان زين العابدين لابن عمته الشيخ وان عبدالرحمن ثم اخيه زين محمدنور وتطورت المدرسة الى ان اصبحت جامعة السلطان زين العابدين .
وبسبب وفاة والده وهو بعمر اثني عشر سنة حيث نشأ وترعرع وسط عبء مسؤولية عائلة كبيرة كان لابد له ان يكون صارما وحازما مع اخوانه واخوته ومعاونية بالمطبعة مما دفع القرويون حول تلك المنطقة في بولاو كامبينج يقدرون ويوقرون العائلة التي انتقلت من مكة المكرمة الى قريتهم ويرحبون بهم عند مصادفتهم في طريقهم. حيث كانو يسمون  تلك الحارة التي يسكنها والمحاطة بسياج من أشجار الخيزران باسم كامبونج مكة. (حارة المكاوي) .
تزوج يحي بنفيسة بنت صالح زين العابدين فطاني بنت عمته خديجه محمد نور فطاني من مكة المكرمة والتي انجبت له عبدالله، اسمة، زين العابدين، وفيصل والذين ولدوا في باليك بوكيت في ترينقانو بماليزيا، وبعدها عاد الشيخ يحي مع عائلته الى مكة المكرمة عام 1936م وانجبت له زكريا، عائشة، وفوزية. وهم الذين ولدوا في مكة.
وكان قد رباهم على الاستقامة والعمل الجاد والاعتماد على النفس وكان ابنه عبدالله وزين العابدين يساعدانه في طباعة المؤلفات التي كان يؤلفها جده محمد بن اسماعيل فطاني حتي يذكر انه اصيب في اصبع يده مماتركت ندبه في اصبعة، وكان يعاقب ابنائه ولايسمح لاحد ان يتوسط لهم عنده. وخاصة الابن الاكبرعبدالله الذي نال القسط الاكبر من العقاب .
في عام 1936م عاد الشيخ يحي بن عبدالله فطاني مع عائلته واولاده الى بيت جدهم محمد بن اسماعيل فطاني ببرحة الخندفوشي بالقشاشية بمكة المكرمة بعد ان قضى في باليك بوكيت بترنقانوا اثني عشر سنة متواصلة .
توفى يحي شابا يبلغ من العمر 43 عاما، في احدي الايام من عام 1936، استقل الشيخ يحي احدى سيارات الاجرة من مكة قاصدا مدينة جدة لاستقبال زوج عمته الشيخ داود عبدالله وزوجته فاطمة والقادمين من كلنتن بماليزيا لاداء مناسك الحج وفجأة في الطريق الى جدة اشتعلت السيارة وسط درجة الحرارة العالية, مما اصابه بالهلع والخوف، فقفز الشيخ يحي خارج السيارة وهي مشتعلة مما ادة الى وفاته، وهو بعمر 43 عاما، رحم الله الشيخ يحي بواسع مغفرته.
رحم الله الشيخ يحي فقد تحمل مسئولية والدته فاطمة واخوانة الخمسة بعد وفاة والده الشيخ عبدالله وهو طفل في الثانية عشر من العمر، في قرية لم يألفها من قبل او يعرف لغة اهلها، فقد شق طريقة بنفسة وبدء حياته بعملا تجاريا ناجحا استطاع خلالها ان ينشر مؤلفات جده بطباعة الكتب الاسلامية منها كتاب مطلع البدرين والتي بفضلها اصبح الكتاب يدرس في المدارس الاسلامية الخاصة والحكومية في فطاني وسنغفورة وماليزيا منذ مئة عام الى تاريخنا المعاصر. بالرغم من حياته القصيرة فقد استطاع ان يحافظ على ارث اجداده وخاصة جدة محمد بن اسماعيل فطاني.
اما بالنسبة الى المنزل الذي بناه وسكنه لمدة عشرون عاما في قرية باليك بوكيت بترنقانوا مازال البناء قائما الى هذا اليوم فقد سكنه من بعده الراجا يعقوب من كنقسار بماليزيا ثم بوكسان وفنكو كلثوم (موكشوم) من كلنتن مازال الطابق الارضي على حاله وقد سقط جزء من ارضيته بسبب ثقل مكينة الطباعة. للا سف لم يكن الشيخ يحي مهندسا معماريا ليضع ثقل مكنة الطابعة بالحسبان في تصميم منزله.
"

A1 YAHYA

"اسمها ونسبها: آسية بنت عبدالله بن محمد اسماعيل فطاني ابنة الشيخ عبدالله محمد بن اسماعيل فطاني الكبرى، والدتها فاطمة. السيدة اسيا أكبر بنات الشيخ عبدالله. وهم يحي، أسيا، محمد كامل، ميمونة وحفصة، وجميعهم من مواليد مكة المكرمة
ولدت السيدة اسيا بمكة المكرمة في بيت جدها لوالدها المسمى بالبيت الكبير بالقشاشية زقاق الخردفوشي عام 1321هـ. 
ولدت آسـيا في بيت علم وتقى والدها الشيخ عبدالله فطاني وجدها من كبار العلماء في مكة هو الشيخ محمد بن اسماعيل، ونشأت في كَنَفِ والدها الشيخ عبدالله تعلمت منه ومن عمها العلامة الشيخ محمدنور فطاني مبادئ العلوم الدينية، قراءة القرآن الكريم، قواعد اللغة العربية وكانت والدتها فاطمة ضالعة في كثير من العلوم الدينية عن قريناتها في السن والمركز الاجتماعي. فقد انشأتها نشأة دينيه وتعلمت منها حسن الخلق والحزم وحسن المجالسة.
2
مسيرتها العلمية: لم بكن هناك مدارس للبنات في ذلك الزمان فقد تعلمت اسيا الكثير من مبادئ واساسيات العلوم الدينية والآداب الشرعية وحفظ القران الكريم والأحاديث النبوية من جدها محمد بن إسماعيل، وذلك بحضورها جلسات العلم التي كان يقيمها. ولقد كان لها مكان مخصص في المجلس للاستماع ومعايشة فترات الدروس مما صقل شخصيتها من حيث الثقافة الدينية ومعرفة الحلال والحرام والاخلاقيات والسلوكيات الحميدة وتطبيق ذلك من خلال الاحسان لأفراد عائلتها ومجتمعها ولقد فرضت عليها الظروف الالمام بشئون المنزل وطهي الطعام للضيوف والحجاج فأجادت إدارة المطبخ ومتطلبات الضيافة، يفسر كثرة وجودها بالمطبخ وتوارد الضيوف من الخارج ومشاركة افراد العائلة الكبيرة سفرة جدهم الكبير معظم اوقات الطعام جعلها تتقن فنون الطبخ واحتياجاته.
المهام والمسئوليات: تحملت السيدة اسيا الكثير من المسئوليات باعتبار انها أكبر بنات ألشيخ عبدالله وهي اليد اليمنى لامها فاطمة في إدارة المنزل الكبير وقدرتها على انجاز ما يسند لها من مهام ومسئوليات بحسن الإدارة واليقظة في التعامل مع الاخرين، ولمثل هذه المواقف تعلمت آسـيا الكثير من الجدية واحترام اعمامها وجدها واخوانها وحسن التعامل مع المتقدمين من العمر. ومراعاة توزيع الادوار كلا في موقعه وقدرتها على القيادة الفعالة في الاسرة مما شكل الخلفية الكاملة لشخصيتها واهتمامها بمختلف الأمور وذلك في سبيل تحمل الادوار المطلوبة لمسئوليات والدها عبدالله واخواتها ميمونة وحفصة وامنة بنت عمها وخديجة .
حياتها الاجتماعية: تزوجت اسيا ابن عمها احمد محمدنور فطاني عام 1341هـ وكانت في سن العشرين. واستقلت في منزل زوجها الذي كان يعمل مع والده في اعمال الحج ويحضر مجالس التعليم معه في المسجد والبيت.
3
ولقد رزقت بالأولاد فكانت اكبرهم صفية التي ولدت في ترنقانوا بماليزيا وعزيزة، اسمة، محمود، وحميدة وسعاد جميعهم ولدوا بمكة المكرمة. ولقد قامت بتربيتهم على الفضيلة والعلم، وتعلموا من والدهم العلوم الدينية والعربية والفقه والحساب وغيرها من العلوم الضرورية للبنات في ذلك الزمان وتعلموا من والدتهم فن إدارة المنزل والطبخ والضيافة وكانت في هذه الفترة قد تبنت مع ابنائها اولاد عمها محمدنور فطاني الذين توفت امهم صفيه (ومؤجيء مي) فتولت آسـيا الابناء والبنات الصغار لعمها محمدنور فطاني وهم محمد وخديجة وفاطمة وكما تبنت رعاية اخت زوجها امنه التي كانت يافعة عند وفات امها صفية وتعلمت من آسـيا الكثير من امور الحياة والحزم في التعامل مع الاخرين واحترامهم حتى كبرت امنه وتزوجت من ابن عمتها محمود صالح فطاني وظلت فاطمة وخديجة ومحمد ينالون الرعاية من اسيا التي قيض الله لهم من يكفلهم.
4
رحلاتها الى ماليزيا: في عام 1925م انتقلت الى دولة ماليزيا في ولاية ترنقانوا وذلك بسبب انتقال عمل زوجها في مدرسة السلطان زين العابدين سلطان ولاية ترنقانوا وبعد ثلاث سنوات عادت اسيا مع زوجها الى مكة وهي تحمل أجمل الذكريات حيث أحبها اهلها في ماليزيا لدماثة خلقها. وبعد عودتها بمدة من الزمن اصبحت تتردد على بلاد ماليزيا لزيارة اخاها محمد كامل واختيها ميمونة وحفصة وقضاء وقت ممتع معهم في ضيافة اختها ميمونة.
سفرياتها المحلية: كانت السيدة اسيا تنتقل الى الطائف خلال موسم الصيف مع زوجها حيث كانت الطائف هو المصيف الذي تنتقل إليه الحكومة بمرافقها في ذلك الزمان، وهناك قضت عدة سنوات تنعم بالصيف في الطائف حيث يجتمع حولها زرارة من العائلة يشاطرونها ويملؤون لها حياتها بالسرور في ظل ولدها محمود الذي كان يعمل في إدارة التعليم بمكة ويقضي اجازته الصيفية بالطائف.
ولقد كانت المدينة المنورة هي أحب المدن التي كانت تتردد على زيارتها وذلك لزيارة مسجد رسول الله وتشرفت فيها بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كانت السيدة اسيا تحرص على زيارة أبناء وبنات عمها التي تكفلت بتربيتهم وهم صغارا حيث كانت تتردد على مدينة الرياض لزيارتهم والاطمئنان عليهم، فهي لهم العمة والخالة والوالدة.
5
ولقد كانت تحمل الالقاب الكريمة كلها تقدير لهذه الام الناجحة التي جعلتها اما للعائلة رجالها ونسائها صغارها و كبارها وتمنحهم عطفها وحنانها ولكن في حشمة وجدية فكانت الام الحازمة الرؤوم ونموذج للقلب الحنون والعين الرحيمة واليد الكريمة والهمة الحازمة الجادة ملأها الحنان والمصلحة والاصلاح.
اما مدينة جدة كانت بالنسبة لها المكان الذي تقضي فيه وقتها للترويح والخروج من الضغوط اليومية حيث كانت تقضي إجازة الأسبوع لدي معارف لها من سكان جدة الذين يعيشون بالقرب من الشاطئ وقوارب الصيد.
6
الامهات التي عاصرتهن آسـيا: أنشأت وتربت اسيا تحت انظار والدتها ووالدها عبدالله الابن الاكبر للشيخ محمد بن اسماعيل فطاني حيث كان والده يعتمد عليه في كثير من المهام الادارية والاجتماعية وشئون الحج والحجاج وساعده في بناء البيت الكبير للعائلة بزقاق الخردفوشي ومساعدته في شئون الاوقاف وتعميرها واجراءات وقفها الى جانب اهتمامه بفترات الندوات وجلسات العلم للحجاج القادمين للحج وقد عاصرت آسـيا من زوجات عمها محمدنور منهن السيدة صفية بنت علي كوتن وقامت على تربية اولاده الخمسة وبنتها امنة كما عاصرت امنه فلفلان الذي تزوجها بعد وفاة صفية والتي انجبت له من الأبناء اربع بنات وولد وشاركتها في كثير من امور العناية بالعائلة ولقد عاصرت تربية ونشأت بنات عمتها خديجة كل من نفيسة، جواهر وكلثوم وتعلمت من عمتها الاناة وحسن الاستضافة وتعلمت آسـيا من كل هذه الشخصيات المتميزة فنالت منهم الامتياز في الاخلاق والجدية وقابلتها بالحنان والاكرام.
اسيا وصلة الرحم: كانت آسـيا حريصة على التواصل بين الاقارب بأداء واجب المشاركة في افراحهم واتراحهم كمناسبة الولادة والافراح لكي تكون اولى القادمات الى اهل العرس وتقوم على توجيههم لتطبيق الأصول المتعارف عليها. وفي الحج كانت هي زوجة صاحب الحملة للحج والتي كانت تدعوهن للمشاركة في اعمال الحملة وتؤمن لهم التغذية والمكان المناسب للجميع بروح المحبة والصحبة المباركة مع اخوات زوجها وبنيهم وبنات اعمامها مع عوائلهم وتحدد مشاركة كل فرد وكأنهم اسرة واحدة بالعمل الجاد المتوالي والنصائح وتوزيع المهام بينهن للإعداد للحج مثل قيامهم بإعداد الطعام مثل المعمول والغريبة وانواع الحلويات الجاوية والشعيرية.
7
مصادر دعم اسيا في عمل الخير: كانت آسـيا تستمد التشجيع على البذل واكرام الاخرين من زوجها احمد الذي يسعد بالعطاء وإدخال الفرح الى قلوب الاخرين بمشاركتهم في الحج ويدبر لهم وسائل النقل والإقامة والتغذية. ولا ننسى دورهم في ضيافة جميع افراد عائلة ال فطاني في ايام العيد والاحسان الى زوجاتهم وحرصها على ضيافتهم ودعوتهم الى بيت الاخ الكبير والعم الجليل لعائلة الشيخ احمد عميد عائلة آل فطاني. وتجهيز مائدة ضخمة لوجبة الإفطار تشمل ما لذ وطاب مثل (ادام الكوزي والدبيازة الخاصة بالعيد، وانواع الاجبان والمقبلات)، وبعد وفاة الشيخ احمد عام 1382هـ تولى ابنه محمود القيام بهذه الدعوة الكريمة بتوجيه ورعاية من والدته آسـيا التي كانت تفرح بهذه الجمعة المباركة بعيد الفطر المبارك والتي استمرت سنوات طويلة ومازالت.
ومن ضمن اعمال الخير القيام بمراسم العزاء بصلاة الغائب لمن توفى من اهليهم بماليزيا وتوزيع الصدقات على ارواحهم.
الصعوبات التي واجهتها: حين حل زمن الحاجة والخوف من جراء علامات الحرب العالمية الاولى وما تتناقله الاخبار من تحركات الجيوش ضاقت بالناس معايشهم وكانت اسيا اقوى سند لزوجها في تلك الفترة حيث اضطرت الى صنع المدورات (غطاء للرأس عند النساء) يستعمل في الافراح والمناسبات وطباعتها وخياطتها وبيعها لتساعد زوجها في المصروف وتعلمت من هذه المواقف اهمية الموجودات المالية والحاجة الى التوفير وحسن التصرف.
ومن اشد الصعوبات التي واجهتها موت والدها الشيخ عبدالله ثم وفاة والدتها ثم وفات عمها محمدنور فطاني الذي قاد دفة ال فطاني وجنبهم ويلات الحروب. ثم وفاة زوجها احمدنور فطاني في حج عام 1382هـ ودفن بمكة. وهي في سن الخمسين من عمرها تعرضت لوعكه صحية فجائية شعرت فيها بفقدان الشهية والقدرة على الحركة فلزمت الفراش فجأة فحزن الابناء والبنات حزنا شديدا ولزمت الفراش وقاموا بحملها الى المستشفى في جدة في مظهر يدل على مدى حبهم لهذه الشخصية الكريمة.
8
ومن اعظم المواقف التي واجهتها احتلال الحرم المكي من قبل قلة ارهابية تسمى بجماعة جهيمان ذلك في محرم عام 1400 ثم في اول يوم من ايام عيد الفطر عام 1403هـ داهم البيت الكبير حريق وصل للدور الرابع في الساعة الثانية بعد الظهر حيث مبيت العمة آسـيا ولقد فزع الجميع من هذه الحادثة، والذي استضاف قبل ساعات قليلة من الحريق عدد من الاهل والحجاج المقيمين بمكة لحفل الافطار بعيد الفطر المبارك ولكن الله اراد ان تتغي ملامح وقواعد حياة ساكنيه. لظروف الحريق المفاجئ الذي نزل بالبيت الكبير انتقلت آسـيا في يوم عيد الفطر المبارك مع بناتها وابنها الى شقة في عمارة ابنتها عزيزة ومكثوا فيها مدة من الزمن حتى انتقلت الى حي العزيزية حيث السعة والبحبوحة و كان يحتوي على 8 شقق وعمارة 4 أدوار بمنافعها وظلت اسيا ام العائلة الفطانية تسكن هذه الدار حتى توفاها الله.
وفاتها: توفت آسـيا بنت عبدالله فطاني في ربيع الاول من عام 1415هـ الموافق 1995م بمكة المكرمة عن عمر يناهز 95 عاما وصلى عليها بالمسجد الحرام ودفنت بالمعلاة بمكة. وبوفاتها طويت صفحة مشرقة من حياة امرأة كريمة محبة للخير، رحمك الله رحمة واسعة فقد اثريت البيت الكبير سنين طويلة. 
نهاية المقال

A2 ASIA

"نشأت وترعرعت عائلة الشيخ عبدالله الابن الاكبر للشيخ محمد بن اسماعيل فطاني، منذ 1916م ولمدة قرن من الزمان في قرية بليك بوكيت. ولقد كانت القرية تبلغ مساحتها 3 هكتارات (12000م2) في ولاية ترنقانو بماليزيا تقع بين نهر ترنقانو وتلة بوك ابيل وكانت محاطة بسياج من شجر الخيزران. وكانت تسمى من قبل سكان الاحياء المجاورة بقرية مكة والقرية هي عبارة عن هبة ملكية من سلطان ترنقانو  السلطان زين العابدين الثالث للشيخ عبدالله والذي توفى بعد استلامه للهبة بسنتين اي عام 1919م وفي صباح كل يوم وقبل اذان الفجر تستطيع ان تسمع الصخب والضجيج الذي تعودوا على سماعه اهل بليك بوكيت لمحركات قوارب الصيد متجهة نحو البحر ايذانا بيوم حافل بالنشاط والعمل. في هذه القرية, قرية بليك بوكيت نشأت وترعرعت عائلة محمد كامل الابن الوحيد الذي بقي على قيد الحياة واخته الصغري حفصة وابنائهم. بعد وفاة والدهم الشيخ عبدالله، وبعدها انضمت اليهم اختهم الوسطى ميمونة بنت عبدالله وامهم فاطمة بنت عبدالرحمن لتسكن معهم. في بليك بوكيت (تل العودة). كانت كان هناك الكثير من الاطفال حوالي 18 طفلا يقطنون قرية باليك بوكيت وكان بعضهم قد التحق بمدرسة داخلية والبعض الاخر مثل محمود ابن حفصة وابن عمه فريد ابن محمد كامل قد التحقوا بجامعة ملايو بكين قسار شمال ولاية ترنقانو.
وكان من ابناء محمد كامل, خالد، فريده، عبد العزيز، فريد، غازي، فؤاد، نورالدين، عبدالمجيد، حبيباتون، مراد، وحكيم (مات صغيرًا)، تاركًا الأسرة في حزن شديد. وأبناء حفصة هم: وان زكية، وان محمود، وان نجية، وان زكي، وان عبد الحليم، وان اسيا (فاطمة)، وان محمد يوسف، وان عزمي، وان روزينا، وان نوريني، وان ثريا. ماتت زكية وهي طفلة، وولد عزمي مصابا بالتوحد ومات صغيرا كون محمد كامل الابن الوحيد الباقي على قيد الحياة من عائلة الشيخ عبدالله محمد بن اسماعيل فطاني في ذلك الوقت ضمن اخوته الثلاث الموجودين معه في باليك بوكيت كان عليه حتما ان يلعب دور رب الاسرة الكبيرة، وكلن الجميع ينادونه الخال كامل وكان نوعًا ما زعيم عشيرة "" قرية باليك بوكيت"". محمد كامل كان الابن التاسع من بين اولاد الشيخ عبدالله الاحدى عشر والذي توفى منهم ستة وهم في سن الطفولة وذلك احزن الشيخ عبدالله كثير. فما كان منه إلا أن حمد الله وأثنى عليه ورضي بقضائه وقدره . وكان ان اختار الاسم كامل لمولده السابع الذي توفي عند ولادته. وعند ولادة ابنه التاسع دعى الله ان يحفظ هذا المولود, عاش هذا المولود وسماه محمد كامل وعاش المولود حتى بلغ الخامسة والثمانون. وفي سن الخامسة من عمره توفى والده الشيخ عبدالله في ولاية فطاني بتايلند عام 1919م قي هذه السن الصغيرة لم يتمكن ان يتعلم منه الكثير من والده ولكنه استطاع ان يتعلم الكثير من المهارات والمعرفة اهلته ليكون رب عائلة ليس فقط لأطفاله ولكن لأطفال اخته حفصة واستطاع محمد كامل ان يكون قدوة لأبنائه وابناء اخنه حفصة في كل شيء، فمن الطبيعي أن يكون نجاحهم حافزا لهم يشدهم نحو تحقيق أهدافهم وملاحقة أحلامهم بشغف فقد كان قادر على أن يصنع منهم أشخاصا ناجحين ومتميزين يتمتعون بالجدية والمثابرة والتحدي. وكان عنده بعد نظر فقد أرسل ابنائه لمدارس تدرس باللغة الانجليزية. لكن محمد كامل كان يعتز بمعرفته باللغة العربية . كان عندما يحضر الندوات الدينية وهو لايزال طفلا صغيرا وبفضل معرفته باللغة العربية كان المحدثين يقربونه اليهم بينما بقية الحضور من المستمعين من الماليزيين و السنقفوريين والاندونيسيين وتايلاند، يجلسون بالأسفل من القاعة لقد كان سكان ولاية ترنقانو بماليزيا يقدرون اللغة العربية لغة القران. وكان يقوم مع أطفاله بترديد التكبيرات عشية الاعياد والتهليل والتكبير عند حدوث الفيضانات وكان يشجع اهله وابنائه المشاركة في الاحتفالات بأعياد التحرير وحضور حفلات الزواج وتحنيك المولود والختان لغرس القيم الاسلامية والاجتماعية من صلة الرحم واجابة الدعوة في احفاد الشيخ محمد بن اسماعيل فطاني. اما عن صلة الرحم فقد كان محمد كامل همزة الوصل بين الاهل في مكة واهلنا بماليزيا لتبقى العلاقة مفتوحة ومستمرة وكان يحرص على زيارة اخواته والذين كانوا قد استقروا في مكة المكرمة مع عائلاتهم. وخاصة اخته اسيا التي تزوجت من ابن عمها احمد محمدنور فطاني و ابنائها صفية، عزيزة، محمود، اسمه، حميدة، سعاد، والشيخ يحي الذي عاش في مكة وتوفي بعمر 45 عام وكان له من الابناء عبدالله، اسمة، زين العابدين، فيصل، وزكريا وعيشة وفوزية. بالرغم من أن معظمهم لم يلتقوا مع اهلهم بماليزيا. يتذكر بعض الأقارب من مكة الذين زاروا ترنقانو كثيرًا منذ فترة طويلة كرم الضيافة الذي حظي به من أهل باليك بوكيت. وكان محمد كامل أحد المضيفين من الجانب الماليزي. كان محمد كامل دائما يحلم بأن يكون لديه بيت من طابق واحد من الطوب، بعيدا عن مستوى الفيضان لينعم به خلال مرحلة الشيخوخة. وبالفعل قاما ببناء منزل أحلامه الجديد بمفرده في الجزء الخلفي من باليك بوكيت عند سفح التل. كان من الامر الغريب أنه عندما تم الانتهاء من المنزل وانتقل الأطفال إليه، فضل محمد كامل أن يأخذ قيلولته بعد الظهر في المنزل الخشبي القديم. ربما كان الجو أكثر برودة هناك بسبب ألواح الأرضية الخشبية. وكان قد قام بزراعة الأناناس والتابيوكا والخيار على منحدرات التل في الجزء الخلفي من المنزل. فهو ايضا مزارعًا بدوام جزئي. وكان محمد كامل يقوم بإصلاح وصيانة المبنى والادوات بالمنزل القيام بعمل الأشياء من الخشب والخرسانة. كان نجارًا مبدعًا وكان لديه كل أنواع الأدوات في صندوق الأدوات الخاص به. بمجرد عودته من العمل في الإدارة الدينية، كان يرتدي زي العمل الخاص به والذي كان عبارة عن سترة صوفية ملفوفة عالياً وقميصًا أبيض اللون، ويبدأ في الاعمال الضرورية بالمنزل حتى وقت صلاة المغرب وبعدها يجلس مع زوجته فاطمة بنت عبدالرحمن او كما ينادونها ابنائها (ماه) بعد ان تقوم بتجهيز قهوته المفضلة السوداء و يرتشفها بينما كان يناقش امور الاولاد والمنزل والامور الحياتية اليومية المهمة. كان فعالا ونشيطا في كل ما يخص المنزل والحياة العائلية وأحيانا كان يكلف بعض من ابنائه ببعض المهام وعليهم ان يقوموا بها على أكمل وجه. فكان يتذكر الاسماء والتواريخ والمهام ولكنه في نفس الوقت كان يدون التواريخ المهمة لبعض المناسبات التي تهمه وتهم ابناءه وافراد اسرته وابناء اخته وكان يلتقط ايضا صورا لألبوم الخاص به مع ذكر تاريخ المناسبة. ربما باعتباره كان كاتبًا متقاعدًا، كان من المؤكد أن يتم كتابة وفهرست الاشياء بشكل صحيح. لقد أدركنا الآن قيمة تلك التواريخ قد تجلت رعايته لهم من خلال هذه التواريخ والملاحظات التي تركها وراءه بعد وفاته بفترة طويلة، منها تواريخ مغادرتهما للدراسة في المملكة المتحدة عام 1973 مسجلة في مذكراته. ليثبت حرص عمهم لرعايته لهم. ولقد كان التعليم عند محمد كامل له اولوية قصوى، ويحرص على مجالسة ابنائه اثناء قيامهم بواجباتهم المدرسية وكان صارما معهم يخافه الجميع ولم يجرؤا التحدث لبعضهم البعض اثناء وجوده معهم, والحمد لله كانوا جميعًا ناجحين في حياتهم. ولكن ابنائه وابناء اخته لم يروا انه كان صارما معهم كانوا يرونه عطوفا مرحا يمازحهم بعض الوقت. ولد محمد كامل في مكة ولكن والده الشيخ عبدالله اختار العيش في ماليزيا عام 1016. وكان محمد كامل طفل صغير، ماذا كان سيحدث لو ان محمد كامل نشأ وترعرع في مكة؟؟ لكانت حياته مختلفة الاطفال، التعليم، الوظيفة، الزواج، واسلوب الحياة تكون مختلفة اولا كانت امة خطبت له احدى قريباته من مكة، ولكان عمل في وظيفة حكومية وعضو في احدى مؤسسات الطوافة او حتى فتح له مطعم فول ومعصوب بالإضافة الى احتمالات كبيرة في اسلوب وطريقة حياة محمد كامل لو كان عاش في مكة.. لم يكن محمد كامل يفكر في ذلك كثير ويؤمن ان الله قدر له ذلك. وكذلك والده عبدالله والا كيف تحمل والده مفارقته لإخوانه الذين نشأ معهم في بيت واحد بالقشاشية بمكة.
ولد محمد كامل في 14 كانون الثاني (يناير) 1914، في منزل جدهم محمد بن اسماعيل، برحة الخندفوشي، بالقشاشية بمكة، بجوار الحرم المكي وشعب علي حيث مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الطفل التاسع للشيخ عبدالله بن الشيخ محمد إسماعيل الداودي فطاني الملقب بالشيخ نيء مات كشيل وحجة فاطمة عبد الرحمن. تم ازالة المنزل بالقشاشية لصالح توسعة الحرم المكي الشريف في أواخر الثمانينيات. وتم تعويضهم بشكل مناسب.
توفى الشيخ محمد بن اسماعيل فطاني عام 1915م، في نفس العام ادى سلطان ولاية ترنقانو الماليزية السلطان زين العابدين الثالث فريضة الحج وعرض على الشيخ عبدالله قطعة ارض بترنقانو كهبة ملكية ان قرر هو الانتقال والعيش بترنقانو . وبالفعل قبل الشيخ عبدالله العرض وانتقل مع عائلته الى ترنقانو  عام 1916م. عام 1916م انتقل محمد كامل مع والده من مكة المكرمة الى ترنقانو  والتحق بمدرسة (بوكيت جامبول)، عام 1931م انتقل الى مدرسة حكومية تدرس باللغة الانجليزية حتى المستوى السابع. بدء حياته العملية ككاتب في حكومة ولاية ترنقانو عام 1938م وكان عمره يناهز 24 عامًا وبعدها عمل في وزارة الخزانة (مالية الدولة)، ثم انتقل ليعمل بمكتب المستشار البريطاني، وزارة التعليم (المطبعة الحكومية). ثم تم نقله إلى مكتب مقاطعة دونقن، بترنقانو وتقاعد عن منصب كبير موظفي مكتب حكومة ولاية ترنقانو . عام 1938م تزوج محمد كامل بالسيدة فاطمة بنت عبدالرحمن داود (بنت عمته) وعاشوا في (كامبونغ بادانغ) بكوالا ترنقانو والمعروف الان بطريق السلطان اسماعيل حيث لا يزال مبنى (مؤسسة ولاية ترنقانو  للتنمية الاقتصادية) قائما حتى اليوم.
كان محمد كامل بين اولاده الذين كانوا يحيطون به وهو يلفظ انفاسه الاخير وكان ذلك في شهر رجب عام 1999م  كما هو كان يتمنى، بينما كان ابنه عبدالمجيد الذي كان في مدينة سندكان لإحضار اهله واولاده لحضور مراسم الدفن والعزاء. وكان ابنه فريد يغالبه البكاء بينما كان يوذن لصلاة الفجر. والجميع قد غالبهم الحزن الشديد وهم يؤدون صلاة الفجر بعد ان اشعروا بفقدان عزيزا عليهم كان مصدر للإلهام والامان,
وبينما كانوا يلقون نظرة الوداع الاخيرة على فقيدهم الغالي، بدؤ يتهامسوا عن مدى شبه والدهم الفقيد بصورة والده الشيخ عبدالله في الصورة المعلقة على الحائط بجوار مكان وضع الجثة. تم ابلاغ النعي في وفاة والدهم محمد كامل في ترنقانو  وجميع عموم ماليزيا وفي مكة المكرمة تلفونيا. حيث ينتشرون اهلة وأقاربه واصدقائه وبدئت مراسم الدفن بعد الصلاة عليه في الجامع ومرت الجنازة التي كانت تقل المرحوم عبر شوارع (جالان هيليران، وبوكيت كيسيل، وغونغ كاباس، وجالان وايرلس، وجالان بوسارا – ليدفن في مقبرة الشيخ ابراهيم في كوالا تيرينقانوا) نفس الشوارع التي كان يمر بها يوميا بسيارته عشرة العمر (البريفاكت) وبوفاته كانت نهاية حقبة مليئة بالأحداث لمستوطن في باليك بوكيت بترنقانو  من اهل مكة المكرمة عاش في باليك بوكيت بترنقانو  حيث وُلد محمد كامل في مكة، ودُفن في تيرينجانو بجوار قبور أخته الصغرى المحبة حجة حفصة ووالدته حجة فاطمة، حقا حقبة مليئة بالأحداث لمواطن من مكة المكرمة عاش في باليك بوكيت بترنقانو .

A3 M. KAMIL

كانت ميمونة اميرة، ولدت ميمونة بنت عبدالله بن محمد اسماعيل فطاني عام 1915م في مكة المكرمة، في البيت الكبير ببرحة الخردفوشي بالقشاشية. وكانت المولود الرابعة للشيخ عبدالله، وكانت الأجمل بين اخواتها الثلاث.
انتقلت ميمونة مع والديها واخوتها عام 1916م، إلى ولاية ترنقانو بماليزيا، بهدف الاستقرار. توفي والدها بعدها بثلاث سنوات في فطاني عام 1919م وأعاد عمها الشيخ محمد نور الأسرة بأكملها إلى مكة المكرمة مرة اخرى. وفي عام 1924م قررت والدتها الانتقال مع ابنائها الى ترنقانو مرة اخرى بالقرب وفي ارضهم في باليك بوكيت التي وهبها لهم سلطان ترنقانو السلطان زين العابدين الثالث. وفي ذلك الوقت كان اخوهم يحي ذو الاثني عشر عاما كان هو رجل البيت، وكانت مسئولية كبيرة بالنسبة لطفل في سنه ولكنه استطاع ان يبدء بكسب عيشه له ولعائلته وان يبدء عمله الخاص من منزلهم في باليك بوكيت وذلك بطباعة مؤلفات جده محمد بن اسماعيل فطاني، والمعروف عن الشيخ يحي انه كان شخص جاد وصارم وشديد حتى مع واخواته الثلاث ميمونة واسيا وحفصة واخيه الصغير محمد كامل، هذه كان اجواء الوضع العائلي الذي أتربت وعاشت فيه ميمونة حيث لم يسمح لها بالالتحاق بالمدرسة سواء في مكة او ترنقانو حتى اصبحت شابه في سن الزواج. ولكن قسوة اخوهم يحي ووالدتهم فاطمة عبدالرحمن على ابنائها ساعدت على صقل شخصية ميمونة تلك الفتاة التي قدمت من مكة المكرمة وتمثل شخصية واخلاق الفتاة العربية والتي كانت تجيد اللغة العربية هذا بالنسبة لأهل ترنقانو يجعلها في مستوى اجتماعي مختلف.
كانت الفتاة ميمونة بسيطة مرحة تحب الضحك ولم يكن في بالها او قد حلمت انها يوما من ستكون تكون سيدة في القصر او قد تتزوج من أحد سلاطين ذلك البلد الذي انتقلت اليه. لم تكن تعرف اوقد سمعت عن اي شيء يتعلق بالطبقة الحاكمة كل الذي كانت تعرفه هو داخل نطاق منزلها. ولكن الله قد كتب عليها ان تكون زوجة أحد ابناء السلاطين.
عندما بلغت الثامنة عشر من العمر وفي التاسع من اكتوبر عام 1933م تقد لخطبتها الامير هيثم عمر ابن الامير مودا عثمان وكان يشغل وزير دولة في ولاية ترنقانو بين عامي 1923م الى عام 1940م،وبعدها تولى منصب رئيسا للوزراء ولمدة عام. وفي عام 1937م عندما سافر سلطان ماليزيا السلطان سليمان لحفل تتويج الملك جورج السادس ملكا على بريطانيا نصب الامير هيثم ليصبح سلطان ماليزيا بالنيابة. واعطي لقب (تنكوا سيري سيتا راجا) ويحمل اللقب الى ان توفي، وبعدها تغير اسلوب حياة ميمونة بعد ان اصبحت فردا من العائلة المالكة. وسكنت القصور في (مقاطعة ايرجارنية) مجمع القصور الملكية المترامية الأطراف والتي تبلغ مساحتها 3 فدان محاطة بالأشجار المستوردة من بعض الدول الاسيوية المجاورة والمثمرة بالفواكه خاصة شجرة (بوكوك سيثيا) والحدائق المزينة بالزهور الوردية . ومع كل ذلك الخاصية الملكية التي اكتسبتها من زوجها مازالت عند اولادها واحفاده واقاربها تعرف, بعمه ميمونة، خاله، وعمتي نوه, اما ابنائها واحفادها الذين يعيشون معها في القصر فمعروفة عندهم (بماي) او سيتيي.
ميمونة لديها ابنة واحدة وهي تنكو ووك صفية تزوجت من تنكو أوانج حسن بن تنكو علي المعروف أيضًا باسم تنكو ليلا سيجارا ولديها عشرة أطفال، تنكو مصطفى، تنكو محمد سالم، تنكو عبدالله، تنكو إنتان مورني، تنكو كمال الدين، تنكو شمس الدين، تنكو فاطمة مورني، تنكو عدنان والتوأم تنكو أمير و تنكو أميرة. وتقلد زوج تنكو صفية اعلى منصب بولاية ترنقانو وهو منصب و(زير دولة لولاية ترنقانو) حتى وفاته. ميمونة لم يكن لديها سوى ابن واحد وهو تنكو جليل المعروف باسم تنكو سيري بيجايا راجا الذي تزوج من تنكو خالدة بنت تنكو حسين من العائلة المالكة لولاية سمبلان. تنكو جليل (تنكو سيري بيجايا راجا) لديه ابنتان تنكو علوية تنكو فتحية، وولدان تنكو عمر حسين و تنكو فاروق حسين الذي منحه السلطان ميزان نفس لقب الأب الراحل (عبدالجليل ) لقب تنكو سيري بيجايا رجا وعين وزير دولة لولاية ترنقانو في عام 2021.
تزوج سلطان ترنقانو السلطان شمس الدين من تنكو امبوان انتان زهرة بنت السلطان هيثم (ربيبة ميمونه) لتصبح السيدة الاولى في قصر سلطان ماليزيا 1965م – 1970م.
انتقلت ميمونة من القصر بعد وفاة زوجها السلطان هيثم عمر ابن السلطان مودا عثمان عام 1945م، الى حيث تسكن والدتها (فاطمة عبدالرحمن) لتعتني بها الى ان توفت والدتها عام 1967م.
ميمونة واولادها واحفادها كجزء من أفراد العائلة المالكة يسكنون القصر هم يتمتعون بالعديد من الألقاب الرسمية التي يُعرفون بها. ولذا حرصت ميمونة على استعمال تلك الالقاب عند مخاطبتهم لاحد ابنائها او احفادها ليتماشى مع معايير وثقافة قصر العائلة المالكة فكانت تخاطبهم بلقب تنكو مع اسمائهم المعطاة. ولكن عند التحدث إلى عضوا من العائلة المالكة، سيكون ضمير الطرف الأول المستخدم هو (باتيك). قد لا يهتم بعض الاشخاص بالالتزام بهذه الادبيات والتوقير. كانت ميمونة تتعامل مع كل الحالات كزوجة سلطان او تتعامل مع مستوى عامة الشعب وكذلك مع اقاربها من يحملون لقب وان او نيئ بلباقة 
ولطف كسيدة من الطبقة الراقية، ولكن بحزم بعض الاحيان عكس اخوها يحي الذي كان صارما وحازما طوال الوقت. وعندما اضطرت اختها حفصة الى مرافقة زوجها الى مدينة بورت كالانق تركت اثنين من اولادها وان زكي ووان محمود مع خالتهم ميمونة في قصر  ايرجرنيه وبالتالي كلاهما عاشا أسلوب حياة أكثر صرامة مع خالتهم ميمونة وعندما تطلب منهم امرا عليهم الانصياع و كانت حريصة علي جميع مناحي حياتها على ان كل شيء كانت تتذكر كل شيء مكانه ويجب ان يكون منظم ومرتب ونظيف وفي مكانه، وكانت جادة وحازمة في تطبيق النظام كما ذكرت ذلك بنت اختها (ناجية)، ولقد ورثتا هذه الطباع حفيدتيها تنكو انتان و تنكو فاطمه (توتي)، او انهم ورثاها من والدهم السلطان هيثام. في كل الاحوال نظام القصر يطبق على الجميع. مما جعل ميمونة واحفادها مختلفين عن الاخرين.
بعد وفاة زوجها السلطان هيثام عاشت بعده لمدة 59 عام تربي اولادها واحفادها حيث ان والدتها عاشت بعد وفاة زوجها 48 عام وكانت ميمونة ترعى والدتها الى ان توفت، بعدها عاشت ميمونة وحيدة في منزل متواضع بسيط بعيدا عن القصر ولمدة 37 عام، و كانت خلالها ميمونة كانت كثير ما تقوم بزيارة اختها اسيا في مكة المكرمة لمدة ثلاث الى اربعة اشهر وكانوا بنات اختها يسعدون كثير بهذه الزيارة والاستمتاع بالطبخ الماليزي الذي كانت تطبخه لهم بنفسها، وكثير ما تعتبر وجودها في مكة هو موطنها الاصلي فهي تحمل الجنسية السعودية وتعيش بين اهلها منهم نفيسة بنت صالح فطاني زوجة اخيها يحي وكثير ما كانوا ابنائها وبناتها يرحبون بعمتهم فهي تقسم وقتها بين المكوث عند اختها او بين اولاد وبنات اخيها يحي. حيث الجميع يعيشون في البيت الكبير ذات الطوابق الستة والقريبة من المسجد الحرام والكائن في حي القشاشية برحة الخردفوشي كل ذلك يجعلها تشعر انها في بيتها بين اهلها كما كانت تشعر وهي في ترنقانو. اما بخصوص النفقة فكان يدفع لها من نصيبها في وقف اجدادها عن كل يوم تمكث فيه في مكة المكرمة.
كان الجميع في مكة المكرمة يعشقون المأكولات الماليزية والفضل يرجع لتواصل الماليزيين با قاربهم بمكة المكرمة مثل ميمونة واسيا ونفيسة، والان اصبحت المأكولات الماليزية جزء من تراثهم مثل اللآست، روجوك، الشندول، وناسي كرابو مع البودو. كل تلك الاسماء من المأكولات الماليزية تعرفها الاجيال الحاضرة اندهش الماليزيين وذلك عند ما طلبها بعض الاقارب من مكة في الملتقى الثاني لاحفاد الشيخ محمد بن اسماعيل عام 2017م في بيسوت ترنقانو.
كانت ميمونة تحب زيارة المسجد الحرام ومسجد رسول الله بالمدينة والسلام عليه (صلى الله علية وسلم) فهي دائما تردد لعل خطواتها توافق مكان خطوات رسول الله من قبل 1400عام . وذلك لحبها لرسوله صلى الله عليه وسلم.
حافظت ميمونة على علاقة وثيقة مع السلطانة زينب (زوجة زوجها السلطان هيتام)، حيث كانت تتبادل معها بانتظام الهدايا والطعام كعلامة على التواصل والمودة بينهما. وكذلك مع بنت زوجها السلطانة امبوان انتان زهرة وكانا يحضران حلقات الدروس الدينية والتي كانت تقيمها بنتها تنكو صفية (تنكو ووك) بنت السلطان هيتام عمر في بيتها الكائن في شارع وايرلز بترنقانو  كل صباح يوم الجمعة والسبت, وكانت السلطانة امبوان انتان زهرة كثيرا ما تصحب ميمونه معها لأداء مناسك العمرة وفي مرة من المرات اصرت السلطانة على ان تقوم بدفع عربية ميمونة في السعي مما وقد تأثرت لهذه البادرة تأثيرا عظيما بسبب لفتة الاحترام والحب لميمونة من التي كانت السيدة الاولى لماليزيا في وقت لاحق. والمعروف عن ميمونة تواضعها بالرغم من وضعها الاجتماعي زوجة للسلطان هيتام عمر وكانت تستخدم المواصلات العامة واحيانا استخدام الريكشوا (دراجة هوائية بثلاث عجلات يسحبها شخص) مثل اي شخص من ترنقانو و لا تحب التكلف او ان تكلف على الاخرين.
كانت ميمونة حريصة على ان تستثمر ثرواتها بذكاء وكانت بحسها تعرف اهمية العقارات في تلك المناطق، وكانت تهتم بالعروض المتوفرة للأراضي وتعاين مواقعها واذا كانت في حالة عدم الشراء فإنها كانت تقنع اختها حفصة بشرائها واذا لم تكن حفصة تشتريها فان حفصة تقنع ابنائها او بناتها لشرائها.
ومع تقدمها في السن، وبينما تحكي قصة طفولتها الى دخولها قصر ايرجنة. لا يسع إلا أن تعجب بتقاسيم وجهها الجميل اللامع الناعم بينما تستمع إليها تقص حكايتها فقد كانت تقضي ساعات وأحيانًا حتى وقت متأخر من الليل، تتحدث عن حياتها في ايا بونجا، باليك بوكيت، موك بير، جالان وايرلس، وحياتها في قصر ايرجيرنه واخير ذكرياتها في البيت الكبير في القشاشية بمكة المكرمة، وعن أفراد عائلتها هناك في البيت الكبير بمكة والذين تتفاخر بمعرفتهم جيدًا وتقوم بتوضيح الصلة بالإشارة الى شجرة العائلة. وكأن وجهها يعلوه السرور كلما ذكرت أحدهم من له مكانة في قلبها. تشعر من يستمع اليها في كل قصصها ان كل ذلك وكأنه كان 
حلم جميل عاشته وتحاول تقنع نفسها به، كل ذلك كانت حقيقة عاشته فعلا فصلا فصل وبابا باب في تلك القصة الجميلة، وكانة تقول الحمد لله على كل النعم والفضل الذي انعم الله عليها به بفضل برها بأمها.
عاشت وحيدة بعدما توفوا كل اخوتها واخوانها فقد توفت حفصة عام 1986م بعدها بعشر سنوات توفت اختها اسيا بمكة المكرمة عام 1996م، وتوفى اخوها محمد كامل عام 1999م وبنهاية القرن الميلادي تكون ميمونة اخر ابناء الشيخ عبدالله بن محمد اسماعيل بقي على قيد الحياة. عاشت ميمونة حتى بلغت من العمر 88 عام وتوفت في منزل بنتها تنكو صفية في كوالا ترنقانو عام 2004م وبهذا انتهت قصة حياة الشخصية المميزة في عشيرة محمد بن اسماعيل التي اضاءة بحياتها قصر سلطان ترنقانو يوما من الايام. وشارك في مراسم جنازتها احفادها والاقارب ومعارفها و معارفها كما شاركت في مراسم الجنازة جلالة السلطانة حجة تنكو باريه . دفنت ميمونة في مقبرة الشيخ ابراهيم بجانب قبر اختها حفصة ووالدتها فاطمة عبدالرحمن ومحمد كامل الاخ الاصغر. رحم الله عمة ميمونة بنت عبدالله بن محمد اسماعيل فطاني (تنكو ميمونة).

A4 MIMONAH

كانت حفصة بنت الشيخ عبدالله، معروفة لدى أطفالها العشرة باسم (مآ) اما بالنسبة لأطفال اخوها، كانت "عمتي ساه، وبالنسبة لأطفال أخواتها كانت "خالة". أحبت حفصة جميع الألقاب الممنوحة لها. كانت لها عيون والدها الراحل الذي لم تقابله أبدا. حفصة عادة ما كانت تغفوا وتنام نوما خفيفا اينما حلت في اي مكان بالمنزل بعد وجبة العشاء، وعندما يستقر الجميع في نومهم ليلا، كانت تحرص ان تستيقظ في نفس الوقت لتطمئن على اطفالها نائمين، كانت تقوم بتغطية اطفالها من البرد او تشعل اقراص طارد البعوض، عندها تستطيع حفصة ان تنام مرتاحة قريرة العين قبل أن تستيقظ ليوم آخر حافل بالعمل. كانت حفصة سيدة صاحبة حكمة وتعرف ما هو جيد ومفيد لأطفالها ولاهلها وجيرانها، وفي الوقت نفسه لم تتذمر أبدا أو تطلب مساعدة احد من اطفالها للقيام بالاعمال المنزلية ليتفرغو لواجباتهم الدراسية ومع ذلك كان اطفالها يقومون بها يشكل جيد وقد اثبتوا تفوقهم في المدرسة. ذهب الجميع إلى المدرسة الإنجليزية، عدى ابنتها الصغرى نوريني فقد ذهبت إلى المدرسة الصينية، وفي وقت لاحق ندمت حفصة على انه لم يذهب أحد من اطفالها إلى المدرسة العربية؟. لم يكن هناك تلفزيون في ذلك الوقت، ففي المساء كان الأطفال أحرارا في فعل ما يحلو لهم طالما انهم في المنزل. كان يوسف يقرأ قصص بينو المصورة، وحليم يقرأ مجلات ماد، وناجية تقرأ "كتب تختارها من مكتبة المدرسة، ومحمود كان يقرأ الكتب الاكثر مبيعا، وذكي يعزف على قيثارته. وفي بعض الأحيان كان الجميع يتحدثون ويضحكون مع بعضهم البعض بصوت عالي ومزعج كعادة اطفال القرية وحالما يسمعون حفصة تصيح بهم "ما هاذا الجنان الذي انتم فيه" عندها فقط يبدء الانزعاج والتذمر من اطفالها، وفي بعض الاحيان كان اطفالها يجتمعون حولها للاستماع إلى قصصها عندما كانت صغيرة، والتي كانت تبدئها بجملة "هل تعرفون ما كانت تفعل أمكم عندما كانت طفلة " كان لديها موهبة في سرد القصص. ومعظم الحلقات كانت تسرد قصة حياتها، من خلالها تعرفوا اطفالها على شخصيتها الحقيقية ومشاعرها، وبشكل غير مباشر فهم اطفالها أنها تريد منهم أن يكونوا ناجحين. كانت هذه هي طريقتـها في تحفيز اطفالها، وكانوا يكنون لها الكثير من الحب والاحترام .
واحدة من أكثر الروايات التي تذكرتها عندما كانت طفلة كانت اهتمامها بالذهاب إلى المدرسة وكانت والدتها ضد فكرة الحاقها بالمدرسة. كان هذا في عام 1930م وفي تلك الايام لم يكن الذهاب إلى المدرسة امر ميسر، ولم يكن هناك سوى مدارس عربية (مدارس دينية "بوندوك") ومدرستان تدرس بالملايو متاحتان في ذلك الوقت. وكانت هناك مدرسة إنجليزية وحيدة وهي مدرسة السلطان سليمان وكانت تدرس باللغة الإنجليزية منذ عام 1920 وكانت مخصصة لأولاد القصور الأرستقراطيين لأن سياسة الحاكم البريطاني كانت هي تعليم اطفال الاستقراطيين القراءة والكتابة ليصبحوا المواطنيين المحليين كتبة في وكالة الخدمات الإدارية للدولة من ولكن كان الآباء قلقين من أن أطفالهم قد يتأثرون بالمسيحية إذا تم إرسالهم إلى مدرسة إنجليزية. ولكي يحث اولياء الامور لالحاق ابنائهم بها كان على المدرسين الاتصال هاتفيا لإقناع الآباء لإلحاق أطفالهم بهذا النوع من المدارس. وفي تلك الحقبة، كان التعليم يعني حضور الفصول الدراسية لمدة 3 سنوات من التعليم الابتدائي، ثم بعدها كانوا يلتحقون بالعمل. ولم يكن العمر أبدا حدا لحضور الدروس. ويمكن أن يتألف فصل دراسي واحد من تلاميذ تتراوح أعمارهم بين 8 سنوات الى 15 سنة. في تلك الحقبة كان الآباء البعيدي النظر او الغير متشددين يرسلون أطفالهم إلى المدارس ويأملون في الأفضل. وليكونوا مواطنين ناجحين كمعلمين في مدارس الملايو. وبالنسبة لابناء الشيخ عبدالله فطاني في باليك بوكيت، التحق الابناء يحيى ومحمد كامل بالمدرسة العربية.، وبقي البنات، آسيا وميمونة وحفصة، في المنزل في انتظار سن الزواج. كان التعليم غير ضروري مرهقا إلى حد ما بالنسبة لجدهم عبدالله ، ذلك الشاب الوحيد الذي انتقل باسرته حديثا من مكة المكرمة، و سكن ترنقانوا ماليزيا. بالنسبة لحفصة كانت بعكس اقرانها من البنات، كان شغفها بالقراءة والكتابة كبير فعليها ان تتعلم قراءة القران الكريم والقصص وكتابة الرسائل بالنسبة لها تعلم القراءة والكتابة يشعرها بالحرية. وفي تلك الأيام كانت العلاقة بين الأم وابنتها قائمة على الوقار والاجلال. جمعت حفصة شجاعتها وطلبت من والدتها الإذن بالذهاب إلى المدرسة، لكن كان وقع الرفض على قلب حفصة صادما ومؤلما ولكنها كانت تعرف أن فرص حصولها على موافقة والدتها ضئيل، فقد كان يحزوها الامل وآلمها الرفض ذلك لأنها تؤمن بأن التعليم سيحررها من قيود والديها. واصرارها على التعلم دفعها لتكون صداقة مع فتاة تدعى زهرة، ابنة (تشيء علي) الذي كان مدرسا في المدرسة التي كانت تدرس فيها زهرة. وكانت عائلة "تشي علي" محبة للعلم والتعلم، اقترحت زهرة على حفصة اان تقوم والدتها (والدة زهرة) بتعليم حفصة القراءة والكتابة ومن المنزل بشكل سري ومجانا .وافقت حفصة على اقتراح زهرة وبدئت تتلقى دروسها في بيت زهرة وركزت حفصة كل جهدها لتتعلم القراءة والكتابة وقد برعت في ذلك، مما دفع والدة زهرة إلى تفاتح فاطمة عبدالرحمن والدة حفصة ان تسمح لحفصة ان تكمل معها تعلم القراءة والكتابة. هذه المرة نظرت فاطمة إلى ابنتها الصغرى حفصة شكل مختلف، وعلى الرغم من الاعتراض الشديد من ابنها الأكبر يحيى، قررت والدتها أخيرا السماح لها بالذهاب إلى المدرسة. وكان هذا القرار جاء نتيجة جراءة حفصة في الطلب من والدتها ان تسمح لها بالالتحاق بالمدرسة. بعد كل شيء الموضوع كان بخص مستقبل حفصة في الالتحاق بالمدرسة، وبالنسبة للفتاة زهرة كان أسعد يوم في حياتها هو اليوم الذي سمحت فيه والدة حفصة لابنتها للالتحاق بالمدرسة . ولاختصار القصة بدأت الايام والامور بطيئة بالمدرسة بالنسبة لحفصة ولكن سرعان مامرت الايام سريعا واصبح لقبها "المعلمة والمدرسة حفصة" بعد بضع سنوات من الدراسة، فقد تم قبول حفصة كمدرسة في مدرسة البنات الوحيدة بترنقانو، هي مدرسة "تينكو أمبوان مريم" بجوار منطقة مستنقعات في بايا بونغا. كانت الفرصة امام حفصة لحضور دورة في تطوير المعلمات في كلية تدريب المعلمات التي افتتحت حديثا في "دوريان دون ملقا" مع صديقتها المعلمة زهرة .كانت حفصة تعرف ان والدتها لاتتقبل فكرة ان بنتها حفصة يمكن لها كفتاة صغيرة أن تسافر وتعيش بعيدا عن المنزل لفترة طويلة. ولم يسبق لأحد في العائلة أن سافر بعيدا عن باليك بوكيت او زار ملقا أو أي مكان خارج كوتا بارو، وربما تكون إنجلترا. ذهبت المعلمة زهرة بمفردها إلى كلية دوريان دون لتدريب المعلمين للنساء وفي المراحل اللاحقة من حياتها أصبحت مديرة مدرسة. وكانت حفصة تحب أن تكون مديرة مدرسة أيضا، ولكن من ناحية اخرى كان ينتظر حفصة مستقبل اخر، كان موظف شاب اسمه وان عثمان يعمل مع اخوها يحيى في مراب منزل حفصة في باليك بوكيت يطبع الكتب الدينية التي كتبها الشيخ محمد بن اسماعيل فطاني، قد وقع عينة على الشابة حفصة واعجب بها وكانت في سن الزواج وتمنى الارتباط بها . كان من الممكن أن يتقدم لها وتسير الأمور بشكل جيد لكليهما، ولكن ماحصل انه بدء اصوات الطائرات الحربية اليابانية تغير على بايا بونغا وكان على عائلة حفصة أن تختبئ في حفرة كبيرة تحت ظل مجموعة من الخيزران في باليك بوكيت كلما سمعت صوت تلاشي لطائرة بعيدة، فقد كانت طائرات غزو الجيش الياباني معلنا بدء الغزو الياباني على ماليزيا ومعلنة بذات الوقت بداية الحرب العالمية الثانية .لم تتحطم أحلام حفصة فحسب، بل أيضا أحلام العديد من الشباب بماليزيا والعالم اجمع.

A5 HAFSAH

tale_edited.jpg
bottom of page